البطالة .. تخترق« جدار الصوت» ..

عندما كنا صغارا، كنا نسمع عن مصطلح» اختراق جدار الصوت»، وهو مصطلح يعني ان تسير الطائرة بسرعة تزيد عن سرعة الصوت، وفي هذه الحالة تحدث ضجيجا مزعجا ومؤذيا، من ابرز نتائجه تكسر زجاج النوافذ.

تذكرت هذا المصطلح وانا اتابع تفاصيل التقرير الربعي الاخير حول البطالة الذي اصدرته دائرة الاحصاءات العامة، والذي يشير الى ارتفاع كبير في مستوى البطالة في الربع الاول من العام الحالي، واعتقدت ان تلك الارقام تؤشر على ان البطالة قد اخترقت حواجز» الصوت الرسمي»، الذي يتعامل مع الازمة باسلوب» العرس عند جيراننا»، واحدثت خللا كبيرا في البنية المجتمعية بكل تفاصيلها.

فالتقرير يشير الى ارتفاع معدل البطالة في الربع الاول من العام الحالي 2017 إلى» 18.2 %».

ووفق التقرير، ارتفع معدل البطالة بمقدار 3.6 نقطة مئوية عن الربع الاول من العام 2016، وبمقدار 2.4 نقطة عن الربع الرابع من العام 2016.

وبلغ معدل البطالة للذكور 13.9 % خلال الربع الأول من العام الحالي مقابل 33.0 % للإناث لنفس الفترة.

وبحسب التقرير يتضح أن معدل البطالة ارتفع للذكور بمقدار 1.2 نقطة مئوية، وارتفع للإناث بمقدار 9.3 نقطة مئوية عن الربع الاول من العام 2016.

ارقام تتحدث عن نفسها.. وتكشف مدى الازمة التي يعاني منها الوطن، باعتبار ان البطالة ـ كما يقول من يعاني منها ـ مثل البرد ، فهي « سبب كل علة»، فهي سبب لمشاكل اجتماعية وسياسية وامنية واقتصادية كثيرة.

اللافت هنا ان الخطاب الرسمي ما يزال هو نفسه، وما تزال المفردات الرسمية» حالمة»، بعيدة عن الواقع ...حيث تتحدث الحكومة عن» مناخات جاذبة للاستثمار»، وعن» اصلاح اقتصادي»، وعن اجراءات عنوانها» تصويب اوضاع سوق العمل»، لكنها في حقيقة الامر تزيد الاوضاع سوءا.

نعلم ان المنطقة تعيش ظروفا صعبة، وان الوطن يتاثر كثيرا بما يجري حوله، وان ذلك كله ينعكس على الواقع الاقتصادي والسياسي للدولة الاردنية، لكن ذلك لا يعفي الحكومة من اتخاذ اجراءات استثنائية لمواجهة تلك الازمة القاتلة المسماة» البطالة».

على سبيل المثال، على الحكومة ان تعير اهتماما لترتيب اوضاع سوق العمل بشكل حازم وسريع، بما يوسع من امكانية تشغيل الاردنيين الذين ودعوا ما كان يسمى» ثقافة العيب» الى غير رجعة، وقبلوا باية فرصة عمل متاحة تكفيهم شرور الحاجة.

وعلى الحكومة ان تعيد النظر بسياساتها فيما يخص الاستثمار، بحيث لا تكون البيئة طاردة للمستثمرين، وان تغير من رؤيتها للامور بحيث تنظر الى مسالة الاستثمار من كافة النواحي وليس من ناحية» الجباية» المباشرة فقط.

وان تعمل على ضبط مؤسسات الاقراض المتخصصة بالمشاريع الصغيرة، وبقطاع المراة، والتي وصلت نسبة الفائدة على قروضها اكثر من 15 بالمائة، وتحولت المقترضات الى ما يشبه العمل بـ» السخرة» عند تلك الشركات فكانت النتيجة العجز عن السداد ودخولهن السجن.

وبكل الاحوال اعتقد ان على الحكومة ان تعلن الطوارئ وان تتعامل مع تلك الارقام باجراءات استثنائية، وان تعيد النظر في مشروعها الاقتصادي الذي يبدو انه اثبت « كارثيته».