تساؤلات حول النزاهة الوطنية



كُنتُ عضواً في اللجنة الملكية لتعزيز منظومة النزاهة الوطنية، وشاركتُ بفعالية في اجتماعاتها، بل كان لي شرف كتابة خطة عملها بعد أن تمّ تكليفي من الزملاء الأعضاء، وأكثر من ذلك فقد قمت بكتابة مقدّمة المنتج النهائي، بعد أن أُخذ بالكثير من اقتراحاتي.
لا أقول إنّ ما خرجنا به هو الأنموذج الكامل، ولكنّه كان حصيلة توافق الأعضاء الذين مثّلوا كافة الاتجاهات السياسية والاجتماعية، وكثيراً ما اختلفنا، بل في يوم أعلنت عن تعليق مشاركتي لسبب قرار حكومي ناقض ما كنّا نعمل عليه، ولكنّني عُدت بعد التأكيد أنّ اللجنة ملكية وليست حكومية، مع أنّ رئيسها كان رئيس الحكومة.
أستعيد تفاصيل تلك السنة الكاملة، وحجم الطموح الذي بدأنا به، والآمال الواسعة التي ملأت قلوبنا ونحن نتقدّم بنتيجة أعمالنا إلى جلالة الملك الذي وجّه الحكومة والحكومات التي ستليها بالتنفيذ الأمين، وصولاً إلى محاربة حقيقية للفساد، وتأمين أجهزتنا ومجتمعنا بالنزاهة الوطنية.
أستعيد هذا كلّه، وأنا لا أرى شيئاً ممّا أوصينا به تحقّق، بل في كثير من الأحيان حدث العكس منه تماماً، فالحكومات تتحدّث عن محاربة الفساد بأشكاله ولكنّها تسكت عنه، وتُداري الأمور، ويبقى أنّ عليّ أن أتساءل علنا: هل أضعنا وقتنا وجهدنا من أجل أن تتسلّح الحكومات بميثاق لا يصلح إلاّ للعناوين العريضة في الصحف؟