ما تبقى من سرية مصرفية!



السرية المصرفية التي نعرفها لن تعود قائمة بعد الأن !.


فعلت الهيئات الرقابية والتشريعات الخاصة بمحاربة الفساد ومكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب فعلها في جدار السرية المصرفية الذي يبدو أنه يترنح الآن قبل سقوطه لمرة أخيرة مع صدور تعديلات على قانون ضريبة الدخل تمنح للجهات المختصة حق الإستعلام عن الحسابات في المصارف وغيرها لغايات ضبط التهرب الضريبي .

أمس وقعت مؤسسة الضمان الإجتماعي مذكرات تفاهم مع 25 بنكا لوضع شارة الحجز على أموال الأشخاص والشركات ورفعها إلكترونيا ، والغاية تسهيل الإجراءات واختصار الوقت ووافقت البنوك بالرغم من أن ذلك يتنافى مع بنود السرية المصرفية لما يتيحه من حق لمؤسسة الضمان في الحصول على معلومات حول حسابات المحجوز عليهم .

وإن كان السؤال لا زال مطروحا حول حق أخذته لنفسها مؤسسات مثل الضمان وشركات مثل الكهرباء والمياه لإيقاع الحجز على حسابات مصرفية وأصول عينية مثل عقار أو أرض أو سيارة للوفاء بذمة قد لا تساوي في كثير من الأحيان أقل من 1% من قيمة الأصول المحجوز عليها . لكن مثل هذا السؤال سقط أمام تعديلات قانونية أباحت استباحة السرية المصرفية على نطاق واسع .

أمام هذه الهجمة القانونية لإنهاء السرية المصرفية لم تعد البنوك قادرة على الإلتزام بتنفيذ قانونها ولم تعد تقوى على مراعاة السرية التامة لجميع حسابات العملاء وودائعهم وأماناتهم وخزائنهم لديه وبياناتها متاحة دون موافقة خطية من صاحب الحساب أو الوديعة أو الامانة أو الخزانة أو من أحد ورثته أو بقرار من جهة قضائية مختصة في خصومة قضائية قائمة حسب القانون فالضابطة العدلية التي منحت على نطاق واسع لموظفين عامين قاموا مقام المدعي العام تكفلت بهدم هذه السرية كما أن الهيئات الرقابية، التي أحدثت ثغراً في جدار السريّة المصرفية، وتداخلات عنيفة لمؤسسات حصلت على حق وضع وتنفيذ الحجز التحفظي أنهكت ما تبقى من الجدار وسقوطه باتت مسألة وقت مع إقرار تعديلات قانون ضريبة الدخل التي ستفرغ « السرية « من مضمونها .

سريّة المصارف ساهمت في إزدهار لبنان فازدادت الودائع بنسبة 467 % بين عامي 1950 و1961 وارتفع عدد المصارف من 31 عام 1955 إلى 72 عام 1968 وزاد حجم الودائع خلال الحرب من 1975 إلى 1990 نحو 375 ضعفا .