نساء في ظل الحاوية

نساء في ظل الحاوية
عنوان يصلح ان يكون احد روايات نجيب محفوظ مثل (أولاد حارتنا, الحرافيش, اللص والكلاب, السمان والخريف ... الخ) الذي نقل في اعماله حياة الطبقة الكادحة فعبر عن همومها واحلامها وعكس قلقها وتوجساتها حيال القضايا المصيرية كما صور حياة الاسرة في علاقاتها الداخلية واثر هذه العلاقات في المجتمع.
عودة الى عنوان المقال الذي نرجو من الله ان لا يخلد في التاريخ, لكي لا يعلم اجيالنا القادمة ان نساء في الاردن وفي العاصمة الحبيبة عمان التي نفتخر ونعتز بنظافتها وجمالها, يعشن في ظل الحاوية طيلة ساعات النهار استجداء للعطف والمساعدة وكثير منهن يحملن الاطفال في هذه النزهة غير المباركة.
كنت برفقة احد الضيوف الاعزاء من احد دول الخليج العربي الذين يحبون الاردن واهلها وفي يوم واحد شاهدنا عشرات النساء في احياء عمان الراقية يجلسن في ظل حاويات القمامة يصطحبن الاطفال, وكان الضيف يتساءل عن سبب هذا التصرف الغريب الذي يعتبر اسوأ تأثيرا من ظاهرة التسول, وراهنت بأن تلك النسوة لسن أردنيات, وخسرت رهاني (وانا اعلم ذلك مسبقا) حيث تبين من خلال توجيه السؤال المباشر بانهن اردنيات اسما وليس فعلا لان الاردنية الحقيقية المنتمية تجوع ولا تفعل مثل ذلك.
نتساءل جميعا أين دور الحكومة في معالجة مثل تلك الظاهرة القبيحة؟ هل حكومة عاجزة عن حل مشكلة بهذا الحجم يعول عليها ان تعالج ما هو اكبر من ذلك مثل ظاهرة اطلاق العيارات النارية بمناسبة وبدون مناسبة التي تحصد عشرات الجرحى والقتلى يوميا على سبيل المثال أو ان تعالج اسباب الفقر والبطالة !!!!!!؟؟؟؟؟؟؟ هل تنتظر توجيه ملكي في هذا الشأن؟
معظم الاردنيون يعرفون بأن المتسولات بهذه الطريقة القذرة لسن من اصحاب الحاجة الفعلية, فما على الحكومة الا القيام فورا بإنهاء هذه الظاهرة الغريبة على مجتمعنا وعاداتنا, والتي تعكس صورة سيئة عن الاردن والشعب الاردني, وللأمانة والانصاف ومن خلال اطلاعي وعيشي في منطقة تعتبر من المناطق العشرين الاكثر فقرا في الاردن فأن صندوق المعونة الوطنية ووزارة التنمية الاجتماعية والديوان الملكي يقدمون المساعدة اللازمة لكثير من الاسر الفقيرة وان لم يكن كلها, لذلك يجب توجيه الاجهزة المختصة لإنهاء هذه الظاهرة بغض النظر عن اسبابها التي يمكن ان تدرس لاحقا, والله من وراء القصد.
د. احمد محمد الخلايلة/ جمعية ابناء الاردن للتنمية السياسية