من يدير ألأزمة مع وكالة الأنباء الفرنسية !
... رفض ابناء الوطن عامة وابناء الطفيلة خاصة ما اوردته مراسلة وكالة الأنباء الفرنسية في الاردن حول تعرض موكب الملك عبد الله الثاني الى رشق الحجارة اثناء زيارته الى محافظة الطفيلة يوم الاثنين الماضي وعبروا عن استيائهم وتنديدهم بالخبر الملفق بوسائل عدة كان ابرزها الاعتصام الذي نفذه ابناء المحافظة امام وكالة الانباء مساء اليوم المذكور ، ومن ثم تراجعت تلك المراسلة عن تقريرها وقدمت الاعتذار للشعب والملك واعتبر الخبر لاغيا وملفقا لاصحة له اطلاقا ، الى هنا نستطيع القول ان مثل تلك الاشكالات والاخطاء تجري في معظم انظمة ودول العالم بشكل يومي ويتم تصويب الوضع وتصحيح الخطأ دون ان يتبعه تفاعلات وتطورات الا اذا كان هناك من يقف وراء تطوير وتفعيل ما يجري ليس لجهة المحاسبة والملاحقة وتصحيح الخبر ، بل لغاية في نفس من كان اصلا وراء تلفيق الخبر وتمريره الى المراسلة الصحفية التي يبدو انها قد ورطت او شاركت بالقصة المفبركة ودفعت إلى نشره بالسرعة تلك ، فمثل تلك المراسلة الصحفية صاحبة الخبرة والتقنية المهنية العالية والعارفة بأمور البلاد والعباد في وطننا منذ عقود خلت لا يمكن لها ان تنشر خبرا يصل اليها من مواطن عادي او رجل أمن عبر اتصال تلفوني كما ادعت ، ولكنه لا بد ان يكون صاحب الخبر رجل تعرفه المرأة جيدا ويعرفها جيدا ويعرف ماذا يريد من وراء تلك المغالطة ويمثل اتجاه أو جهة ما لا تريد للوطن خيرا !!
فالتطورات اللاحقة لهذه القضية وما تبعها من مداهمة عناصر مجهولة تحركت وبتدبير معد و مدروس إلى مقر الوكالة الفرنسية والعبث في موجوداتها وتخريب ممتلكاتها لا يمكن ان يكون عفويا مهما حاول البعض ايهام الناس ، فالبلاد التي تتمتع بسمعة طيبة على مستوى العالم من حيث الاستقرار وسمعة النظام السياسي المعتدل الذي يقوده الملك عبدالله الثاني صاحب السمة الحضارية الراقية في التعامل مع العالم والاحداث في المنطقة لا يمكن ان يتوافق مع ما جرى ويجري من تبعات الأزمة مع الوكالة المذكورة ، فردود الفعل الفرنسية الممثلة بتقرير مدير عام الوكالة الفرنسية للانباء او تقرير الخارجية الفرنسية حول ما جرى من اعتداء على مقر الوكالة بغياب رجال الامن وصمت من حضر نلنا عليه وبكل أسف إدانة أولية عرفها العالم كله ، إذ تحولت من أزمة طارئة مع مراسلة وكالة الأنباء الفرنسية إلى أزمة مع الدولة الفرنسية نفسها ، فدولة القانون والمؤسسات التي يعرفنا العالم بها تملي علينا التعاطي مع هذه المسألة بروح عقلانية قانونية و حضارية متعددة الاساليب وبعيدة عن البلطجة وتنفيذ اجندات تسيء الى سمعة البلاد وتضع الملك في احراج لا يقبله محب للوطن او موال للملك .
يبدو ان اصحاب تلك الأجندة الذين يستعينون بالبلطجية ومن يحركهم كسابق عهدهم لا يدركوا حجم وخواتيم أعمالهم المغامرة التي تسيء للوطن وسمعته ، بل التطورات اللاحقة والممثلة بالاعتصام الذي يدعو إليه البعض أمام السفارة قد يدفع الامور الى منحى اخر لا يدركه البعض وقد تكون له تبعات سياسية واقتصادية او حتى سياحية تضر بالبلاد ، فهي ممارسات لا تسمن ولا تغني من جوع ! ويتسائل الناس فيما لو صدرت تلك المقالة الملفقة من وكالة إسرائيلية أو مسئول إسرائيلي فهل كان يمكن لمخططي هذه الأفعال التحرك والاعتصام أمام السفارة الإسرائيلية أو الهجوم على مقرها أو حتى كانت الأجهزة الأمنية ستسمح لهم بالتواجد في محيطها رغم ما لفقته إسرائيل وأجهزتها وما تخطط له من مؤامرات على الوطن تناقش علنا في اروقة الحكومة والكنيست !!
الحكومة تغيب عن مسرح الحدث وهذا مؤكد ، فهي بلا شك وأنا اجزم أنها غير راضية عما يجري وكسابق عهدها اصلا تفاجأ بكل تطور أو حدث يصنعه ويدبره البعض وتبدو بلاحول ولا قوة ولا علم لها ! ولكن الذين خططوا لهذا الأمر منذ صناعة الخبر الملفق وتمريره الى مراسلة الوكالة الفرنسية مرورا بالاعتصام والاعتداء على مقر الوكالة وانتهاءا بالاعتصام المقرر امام السفارة الفرنسية يشير الى وجود مخطط غير واضح تصنعه اجهزة وافراد يديرون البلاد ليس وفقا للمصلحة العامة بل وفقا لأجندة قد تكشف الايام عن مضمونها ، فلم يعتاد الاردن وبكل منعطفات التاريخ والأزمات الحادة التي واجهها و التي عاشها ان يلجأ لتلك الوسائل الغريبة على سياستنا ومنهجنا في التعامل مع الاحداث اي باستخدام البلطجة كلما اراد تحقيق هدف ، فهل عجزنا عن ايجاد وسائل اكثر حضارية واكثر مرونة حتى نفعل ما فعلناه ويصبح الأردن بفعل تلك الممارسات موطن قلق وتوتر يشار إليه في العالم ! لكن الخاسر في النهاية هو الوطن الذي يضعه البعض وبكل أسف على محك الثقة والاحترام العالمي بل ويضع الملك في أزمة موقف مع الغرب بسبب تلك الممارسات العصاباتية المرفوضة ، وكأن العالم والإعلام العالمي تحديدا لا يعون تلك الاساليب الغابرة التي لم يعد يستخدمها الا القلة القلة ممن تبقى من حكام واجهزة بطش في بعض دول العالم التي لا زالت تستخدم تلك الوسائل والتي لا بد ان يطالهم التغيير ما لم يبدلوا من تكتيكاتهم واساليب تعاطيهم مع الاحداث بشكل راق وحضاري بدل ان يوكلوا امرهم للبلطجة والسلوك العصاباتي المكشوف !