الأردن درة أمن الأمة


ظرفنا الاقتصادي، الممتد منذ سنوات، الشديد القسوة، الثقيل القاسي على المواطنين، وخاصة على ابنائنا ذوي الدخل المحدود، (يلفظه اشقاؤنا السودانيون الدخل المهدود)، ليس الى انفراج قريب او الى انفراج واضح في الافق.

معلوم تماما، ان من ابرز اسباب ظروفنا الاقتصادية القاسية، هي هذه الحروب العبثية، التي اغلقت علينا حدودنا ومجالنا التصديري الحيوي مع جيراننا، والتي ستنتهي كما بدأت، لا غالب ولا مغلوب، لا رايات بيضاء، لا استسلام جحافل وفيالق، على غرار استسلام النازية في الحرب العالمية الثانية.

يلوم مواطننا بمرارة، الدول العربية الثرية التي لا تقدم المساعدة والعون، للدول العربية، التي تعاني شعوبها من الفقر وضغوط المديونية وشح الاستثمارات، في الوقت الذي تُغرِق اموالُها الاسواقَ العالمية، بمئات المليارات من الدولارات.

تخلق تلك الودائع والاستثمارات الفلكية، التي تفيض على اسواق العالم، وخاصة على السوق الامريكي، مئات الاف الوظائف، وتسهم في المعافاة والرفاه والوفرة والبحبوحة، التي افصح عنها الرئيس الامريكي دونالد ترامب، عقب عودته مختالا ظافرا، من القمة الامريكية - الاسلامية التي عقدت في الرياض قبل نحو اسبوع.

لقد خلّفت نتائج القمم الاقتصادية، مرارة ودهشة، في الشارع العربي، لمسها كل متابع لما يُكتب من تعليقات على منصات التواصل الاجتماعي، بسبب ان الجار المحتاج أحق، وان الشقيق المضطر أولى.

لا يفهم الشارع العربي الجائع الفقير، المبررات التي كانت وراء عقد صفقات بمئات مليارات الدولارات، ولا يتوقف عند الاهداف الاستراتيجية الكبرى او الصغرى ولا يتوقف عند حقوق السيادة الوطنية لهذه الدولة او تلك ولا يحفل بدواعي مواجهة التوسعية الايرانية ولا بالحرب على الارهاب.

الشارع العربي وحدوي بالفطرة وبالتكوين، يتحدث عن ثروة الامة، ويحاجج بحقوق الاشقاء على اشقائهم القادرين. وحين يرفع الشارع العربي الوحدوي العظيم شعار: «الامن العربي واحد لا يتجزأ»، فإن المكافيء الموضوعي والقومي، الذي يقتنع به الشارع العربي، لهذا الشعار هو:» ان الثروة العربية واحدة لا تتجزأ».

ذلك أن التجربة المستمرة والحية، تبين أن الثروة ليست خيرا في كل الوقت، وانها جلابة للطامعين والمستعمرين والقبضايات والفتوات، الذين يأخذون شكل اساطيل الغزو المباشر احيانا، واحيانا اخرى يعبرون بلبوس الشركاء والاصدقاء، من خلال احلاف او اتفاقيات.

الثروة بلا رجال تحميها، ستكون آيلة الى الغَرْف الجائر، والى تداعي الغزاة على قصعتها، بأقنعة مختلفة متعددة، ونستشهد دائما بما قاله النبي العربي الهاشمي الامين:

. مَا آمَنَ بِي مَنْ بَاتَ شَبْعَان وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِهِ

ويعرف اشقاؤنا، أن الاردن الذي يكابد وحيدا، في هذا الظرف الاقتصادي الخانق، الذي ساهم الاشقاء في صنعه وما يزالون، هو درة الامن القومي العربي، وهو معقل الاقتدار والاحتراف والجندية الحقة، ويعرفون ان الاردن هو بنك المعلومات الاغنى، في ترصد جماعات التطرف، وعصابات الارهاب، وفي مقاومتها والنصر عليها.

مصيرنا واحد وامننا واحد. اليوم وغدا حين تقوم دولة الوحدة التي تتمكن وحدها من قهر الطامعين والغزاة.