أبو ياسين الحلاق


صالون حلاقة شهير في إربد صاحبه أبو ياسين وكان اسمه صالون الكمال، كان أيضا في أول شارع الهاشمي من جهة سرفيس البارحة، ومعد بكرسي خشبي منجد بالجلد مخصص لممارسة المهنة، على جانبه مثبتة قطعة جلدية قاسية لجلخ موسى الحلاقة وأمامه «كاونتر» لوضع أدوات الحلاقة اليدوية وكركر الخيط «لم يكن آنذاك ماكينات كهربائية» أسفله جوارير صغيرة تحوي ما يلزم من قطن وأدوات أخرى وقد علقت أعلاه مرآة كبيرة .
أبو ياسين واحد من أشهر الحلاقين أيام زمان في اربد، وكان هناك في نفس الشارع ليس بعيدا عنه الحلاق المعروف برهان، وهذا كان مميزا بشكله شبه الاسطواني، وقلة يعلمون أنه كان يسافر كل عام للقاهرة لحضور حفلات أم كلثوم، ومثلهما الحلاق محمود النابلسي في شارع فلسطين والحلاق أبو العبد الميمي مقابل مخرج سينما دنيا وأبو عبدالله الطيراوي بجانب سوق البخارية، وهناك غيرهم أيضا ولكنهم في المجمل لم يكونوا كثرا.
في منتصف سبعينيات القرن الماضي تطورت أدوات الحلاقة ودخلت ماكينة الكهرباء بدل اليدوية التي كانت تعني بعض العذاب للزبائن، ودخل أيضا السشوار وتعددت المواد المرطبة والمطهرة بعد أن كانت الكالونيا والبريل كريم فقط، وقد وزاد عدد الحلاقين في المدينة بعد ذلك والحال دفع بأبي ياسين لتطوير الصالون بزيادة كرسين حديثين، وفي الأثناء كان يعلم ولديه ياسين وجمال أصول المهنة وقد أتقناها تماما فكانا الأكثر استقطابا لجيل الشباب في تلك الأيام وقد تميزا بدماثة المعشر وحسن الخلق والأدب الرفيع.
مقابل الصالون كان هناك محل لبيع العصير وعلى امتداد الشارع الرئيسي كانت تقع محلات بيبرس واحمد جمعة وشوكت الشامي، ومن الجهة المقابلة مكتبة الجهاد وبجانبها مكان صغير خصصه الشاعر الشعبي مصطفى السكران مكتبا له، ومدرسة النهضة، ثم طلعة البلدية وصولا للسرايا والسجن ومدرسة حسن كامل الصباح وثانوية اربد ومدرسة الصناعة، وأشهر البيوت هناك كان بيت المحاري.
استمر أبو ياسين في العمل حتى وفاته على نفس كرسيه القديم يحلق للأطفال وزبائنه القدامى، في حين أصبح لياسين وجمال زبائنهم وأصدقاؤهم الخاصون في الصالون، ولا بد أنهما ما زالا على نفس المهنة كحلاقين محترفين. ولو أن المرحوم أبا ياسين ما زال حيا لقرر اليوم موديل حلاقة جديدة باسم «الحلاقة للحكومة» والأكيد أنه كان سيستخدم لحلاقتها الماكينات القديمة لتشبعها بكل الأحوال اقل مما يتحمله الناس منها الآن... ونعيما.