نعم.. أنا مصاب بالذهول من التجربة الماليزية



منذ استقلال ماليزيا في سبعينيات القرن العشرين، والحلم يعمل بطاقة مدهشة هناك، في أرض المطاط والأعراق والتنوع الثقافي والديني.
تجربة فذة، لم تُعقّد طريقتها في استغلال إمكانيات الماليزيين، وتوحيدهم على الالتفاف حول ماليزيا، والانتماء لها.
بدأت في تغيير ثقافة العمل، أرست مفهوما خلاقا للتعليم، ذهبت إلى أقصى طاقتها في استغلال ثرواتها وتجديدها. وخلال بضعة عقود، تمكنت من بناء نظام اقتصادي، جعلها تقف في مصاف الدول المتقدمة، وتناجزهم في كثير من الأعمال.
ماليزيا التي كانت نسبة الفقر فيها إبان الاستعمار تصل إلى 95 %، نسبة الفقر فيها اليوم أقل من 1 %. لقد حققت كل هذا، من دون أن تضع كل بيضها في سلة صندوق النقد الدولي، أو الاستدانة من هذه الدولة أو تلك، أو انتظار منح اليو اس أيد، أو الاتحاد الأوروبي.
البحث العلمي في جامعات ماليزيا، ينافس جامعات دول أوروبية.
البطالة من بين أدنى النسب في العالم.
العمران في هذه الدولة الآسيوية، متنوع، وينم عن ذوق عملي رفيع، ينتمي بخصوصيته الى ماليزيا.
الجامعات الماليزية، تحقق كل يوم تقدما علميا مدهشا.
ما حدث في ماليزيا ليس أسطورة، ولم ينتجه التدين، ولا تدعمه العشائر الماليزية، ولا تسهم بتقدمه أي قوى، سوى إرادة شعب حقيقية، دفعت العقل الماليزي، لاجتراح معجزته، لتصبح هذه البلاد، متقدمة، بلا نزاعات دموية، واحتمت بالتنوع والتعدد والتفاعل والتواصل المذهل بين أفراد الشعب.
بالتأكيد هناك سلبيات في ماليزيا، لكن عندما تشرق الشمس كل صباح عليها، فإن كل ماليزي يستطيع الوصول إلى عمله من دون تأخير، وكل طالب علم يمكنه الدراسة في المكان الذي يختاره من مؤسساتها التعليمية، وكل مريض يتمكن من إيجاد مكان للعلاج، من دون أن تشحد عائلته الملح لعلاجه.
هل نختلف عن الماليزيين بشيء؟
قل؛ فقط بضعة أشياء يا صديقي، أو صديقتي.
أشياء اذا تحدثنا فيها ربما لن يعجب بها الكثيرون ممن يسحجون كل يوم للهبل والزعيق والاصطفاف المزدوج وساعات العمل التي لا تنتج سوى النميمة والشكاوى والتذمر، وترقب آخر الشهر، للحصول على راتب لا يستحقه كثيرون.
هذه ماليزيا مثلا..
سنتحدث عن الهند قريبا..
عن سنغافورة..
ولا تسألوني عن الصين أو اليابان.. أرجوكم؟
أتحدث عن آسيا فقط، لم أتحدث عن أوروبا بعد.