من منكم بلا خطيئة فليتبعني
من منكم بلا خطيئة فليتبعني
كلّ من إستمع الى جلالة الملك في خطابه السامي قبل أيام قلائل يتأكد أنّه أمام ملك حكيم يحمل في قلبه الكبير بذور الخير والإصلاح والمحبّة وفي عقله خططا وبرامج وآليات لتنفيذها وآولى هذه الآليات بعد ان توفرت الإرادة هي التشريعات والقوانين والمؤسسات الوطنيّة الخاصّة بذلك .
ولتنفيذ تلك البرامج والخطط فإنّ تلك المؤسسات بحاجة الى مسؤولين اكفياء مخلصين منتمين يحملون في صدورهم الوفاء للوطن والإخلاص لقيادته الهاشمية والحب للمواطن الأردني وتلك المؤسسات تضمّ الديوان الملكي العامر ومستشاري جلالته والحكومة ومجلس الأمة بشِقّيه المنتخب والمعيّن وجميع موظّفي الدولة .
وهؤلاء الموظفين سواء كانوا تشريعيين او تنفيذيين أو وعّاظ أوعلماء أو أكاديميين أو إعلاميين فكلّ له الدور الذي يقوم به لإنجاح خطط الإصلاح والتغيير والتنمية المستدامة .
وجلالة الملك الذي يدعو مرارا إلى إجتثاث الفساد الذي إستشرى وأنهك إقتصاد البلد وساهم في تجويع الناس وإضمحلال الطبقة الوسطى وإنحدارها إلى الطبقة الفقيرة بينما على أرض الواقع شاهدنا في السنوات الأخيرة زيادة الفساد وتورط مسؤولين مهمّين في ذلك الفساد ولم يستثني جلالته احدا من المسائلة حتّى من هم في الديوان الملكي العامر .
إنّ شعوبا كثيرة على هذه الارض تحسدنا على هذه القيادة وعلى الوفاء والمحبّة المتبادلة بين القائد وشعبه وإخلاصنا لقيادتنا لذلك يستغربون انتشار الفساد في المجتمع الاردني بهذا الشكل.
نعم إن لكلّ شعب ديموقراطيته التي يستطيع ان يتعايش معها بل ومن خلالها يعبّر عن رأيه ويساهم في صنع القرار فمثلا رئيس وزراء إيطاليا مليئ بالفضائح المالية والأخلاقية ولكن تلك حياة اهل المعكرونة وتلك ديموقراطيتهم أمّا نحن في الاردن شعب نختلف ولا نرضى الهوان والمذلّة ولا نقبل لرئيس حكومتنا ووزرائنا ومسؤولينا العيب والفساد وسوء الاخلاق لا سمح الله .
ولكنه يبدوا ان ثقافتنا مع الزمن والانترنت قد تغيرت فالفساد اصبح العام والشرف والنزاهة والاخلاص والانتماء اصبحت هي المفردات النادرة وذلك على جميع المستويات الشعبية والرسمية وإلاّ كيف يقبل النواب التصويت لصالح الثقة بالحكومات بهذا الشكل المتذبذب دون الاخذ بعين الإعتبار شخوص رئيس الحكومة ووزرائها بعين الإعتبار بحيث تتغير الحكومة بعد ايام أو تزيد خطايا الفساد في الاشهر الأولى للتشكيل .وتدرس هيئة مكافحة الفساد حاليا العشرات من قضايا الفساد أو الشبهة في الفساد في قضايا اخرى وبالرغم من ان الإجراءات بطيئة ولم تقنع الشعب الأردني بقدرةالحكومات بإجتثاث الفساد أو معاقبة الفاسدين حتى الآن فإنّه أيا كان المسؤولون والمتورطون في تلك القضايا فهناك على الأقل المسؤولية الادبية التي تقع على عاتق المسؤول الأول في الحكومة وهناك مسؤوليّة على المواطن نفسه حيث يتوجب عليه أن يُبلِّغ عن اي معلومات تتعلق بالفساد دون خوف أو رعب .
وعدم التقدم في الكشف عن الفاسدين والمتورطين يعطي تشكيكا في كل مسؤولي الدولة الاردنية العاملين تحت جناح الحكومة مهما اختلفت مسمّيات وظائفهم إلاّ من رحم ربّي وبالطبع فإن الشرفاء والمخلصين والمنتمين لتراب الاردن وقيادته كثر على امتداد يزيد عن تسعون عاما وواحد وتسعون حكومة ولسان حال المسؤول الذي عمل موظفا ومديرا وثم وزيرا اي انه قضى معظم عمره مسؤولا ومات وهو مستورا ليس لديه إلاّ قرش الحلال وكأنه يقول لموظّفي الدولة مهماعلا شأنهم وبعض ما قال سيدنا عيسى عليه السلام من كان منكم بلا خطيئة فليتبعني !!!
الكل يعلم أنّ هناك قوانين وتعليمات يجب أن تطبق في دولة المؤسسات والقانون ومن يعمل يُخطيئ وهناك اخطاء يُقبل الإعتذار عنها وهناك أخطاء يجب محاسبة مرتكبها وهناك فساد مُتعمّد الهدف منه جلب المنافع الذاتية أو سلب الغير حقوقها وفي كلا الحالتين تعتبر كبائر قد تصل لحدّ الخطايا وهنا يجب ايقاع العقاب الرادع ليكون عبرة لغيره ويجب التحقق والتثبت من ذلك الفساد لكي لا يكون هناك إغتيال متعمّد للشخصية العامّة أو لأي فرد في المجتمع الاردنيْ .
نعم هناك الكثير ممّن عملوا بضمائر حيّة وقلوب محبّة ونفوس نقيّة وابدان عفيفة تحت القيادة الهاشميّة هدفها رضاء الله والإخلاص للقيادة وكرامة الشعب الاردنيّْ وبناء الوطن وحمايته ذلك الحمى الذي إفتدوه بالإرواح والمهج بالعمل الفعلي والجادّْ ونحن الان نركز على حمايته بالخُطبِ والأغاني فقط.
وفي ظل هذه المرحلة الإنتقالية في تاريخ الشعوب والدول العربية يجب ان نكون واعين للمخاطر والتحديات التي تواجهنا ونستعد لما هو اسوأ لكي نكون على مستوى مواجهة أي خطر قادم لا سمح الله .ومخطأ من يعتقد ان حب الاردن يتناسب طرديا أو عكسيا مع منبت المواطن أو أصوله فالوطن الذي عمره اقل من واحد وتسعون عاما يعيش فيه مواطنون اكبر منه عمرا ولكنهم وُلدوا خارج الحدود الجغرافية للوطن مثل الشركس والشيشان المخلصون للأرض والعرش وكذلك العرب الذين قدموا من اراض عربية مختلفة منها سوريا والعراق وفلسطين وغيرها وهؤلاء شكّلوا حكومات وساهموا في بناء وطن واحد أخلصوا وما زالوا لترابه المقدّس ولقيادته الهاشميّة .
وأمّا من وفِد إلى الاردن من فلسطين بعد عام 1948 قصرا فقد طالبوا بالاندماج مع الشعب الاردني الذي رحّب بهم تحت راية المملكة الاردنيّة الهاشميّة بقيادة المغفور له الشهيد جلالةالملك عبد الله الاول بن الحسين بن علي الذي اضحى ملكا على جناحي الاردن بضفتيه الغربية والشرقية بنفس الحقوق والواجبات منذ عام 1950 وكانت النهضة الإقتصاديّة والإجتماعيّة والسياسيّة التي قادها جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال لمدّة سبعة واربعون عاما والذي إعتبر رحمه الله الوحدة الوطنيّة خط احمر من يتعدّاه هو خصمه ليوم القيامة ولكن الظروف السياسية وحسد الزعماء العرب لجلالته والمطامع الشخصية لقادة الحركات الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي للضفّة الغربيّة هي التي أدّت الى فك الإرتباط القانوني والإداري مع الضفّة الغربيّة ارضا وسكانا لها وفيها ولكنها لم ولن تفك الإرتباط الإجتماعي بين الأردنيين مهما كانت اصولهم فهو نسيج إختلط فيه الدم عبر المصاهرة والنسب والشهادة على أسوار الأقصى الجريح والقدس الشريف .
ومن يتحدّث عن شروخ في ذلك النسيج واهم أو قاصد الهدم لا البناء ومن عمِل أو قبِل بسحب جنسيات الاردنيون تبعا لأصولهم لم يقصد سوى الخراب للاردن ومواطنيه وقد كان جلالة الملك واضحا وضوح الشمس في الكثير من خطاباته بقدسية تلك الوحدة الوطنيّة كما كان اكثر وضوحا حول منع سحب الجنسيات من المواطنين ومصادرة مواطنتهم في خطابه السامي في مخيم الوحدات قبل اقل من ثلاثة اشهر حيث شكّل لجنة على مستوى عال لبحث ذلك الموضوع وتصويب الاوضاع.
فهؤلاء الاردنيون من اصل فلسطيني ليس لهم وطن غير حمى الاردن ولم يعرفوا قيادة غير القيادة الهاشميّة وساهموا في بناء الاردن وتنميته ولهم في كل حجر وذرّة رمل منه ذكرى وحكاية وادّوا وما زالوا يؤدون ما عليهم من واجبات ويأخذون ما لهم من حقوق والهويّة الوطنيّة والجنسيّة الاردنيّة إحدى أهمّ هذه الحقوق فكيف يُحرمون منها ؟؟؟
والحديث عن ذلك أو أي إجراءات مخالفة يجب ان تتوقف نهائيا بعد توجيهات جلالة الملك السامية حول الموضوع كما يجب تصويب أوضاع من لهم حقوق ضائعة خاصة بهذا الموضوع.
ولننتبه نحن كمواطنين ومسؤولين كيف نصلح تشريعاتنا وأنظمتنا الماليّة والإداريّة لنحقق العدالة والمساواة ونُعدم الفساد ونُبعد الفاسدين ولِنُولٍ أمورنا خيارنا ولنضع الاردن في قلوبنا وبين حدقات عيوننا لنحميه من شر الفاسدين والأعداء الذين يُحيكون له في الظلام ووضح النهار مابين وطن بديل وشرق اوسط كبير وجديد بخارطة جديدة فيها القسمة اكثر من الجمع والتفرقة اوسع من التوحد في عالمنا العربي ,فلا بدّ من حكومة على مستوى الحدث وعلى قدرة لمواجهة الخطر .
ولنقف مع الله وخلف القيادة الحكيمة لنصل برّ الآمان .
قال الله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) صدق الله العظيم
(لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما ( 114 ) ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا) ( 115 )صدق الله العظيم
وقالت الشاعرة ميسون الكلبية
لبيـــت تخـــفـق الأرواح فـــيةأحب إلى من قصــر مــــــنيف
ولبــس عــباءة وتــقـر عينـــي أحب إلى من لبــس الشــــفوف
وكلــب ينبــح الطــريق دونــي أحب إلى من قــط ألــــــــــوف
وأصـوات الـرياح فــي كل فج أحب إلى من نــقر الـدفـــــوف
وأكـل كســيرة فــي كسـر بيتي أحب إلى من أكـل الـرغـــــيف
المهندس احمد محمود سعيد
دبي – 19/6/2011