هكذا نفهم الاستقلال ... وهكذا نعيشه


نختلف نحن الأردنيين عن غيرنا من شعوب الأرض، باننا لم نفقد التفاؤل في اي لحظة، فحتى في اشد اللحظات التي مرت علينا صعوبة لم يسبق ان فقدنا التفاؤل .. او فقدنا الامل بالمستقبل.. او حتى راهنا على الواقع.

صعوبات اقتصادية مررنا بها، بلغت ذروتها عام 1989، وراهن البعض على اننا سنفقد الامل والصبر عندما تعرض الدينار الى نكسة قاربت حد الانهيار، لكننا وبحمد الله تجاوزنا تلك الازمة بعزم واقتدار.

منعطفات امنية خطيرة مررنا بها، في التاريخ الأردني، الا اننا خرجنا منها اقوى مما كنا قبل حدوثها.

موجات لجوء كبيرة تعرضنا لها وتركت اثرا مباشرا على تركيبتنا الديمغرافية، كما اثرت على عدد السكان الذي تعرض الى قفزات كبيرة لم ترافقها عمليات نمو بما يوازي تلك القفزات، ومع ذلك تجاوزنا تلك الازمات ونجحنا في الوقوف على اقدامنا.

اختلفنا مع حكومات او مع اشخاص في مواقع مسؤولية ... لكننا لم نختلف على الوطن ... ولا على القيادة الهاشمية التي نجمع على اعتبارها مصدر تلك الثقة الناظمة لعناصر الامل والتفاؤل.

الان نحن نعيش ازمة كبرى، ازمة سياسية اقتصادية امنية ناجمة عن الاحداث في بعض دول الجوار، وتحديدا الازمة السورية، حيث تدور الحرب على الخاصرة الشمالية للوطن، وهناك أزمات عديدة في دول المنطقة بدءا من العراق واليمن، وليس انتهاء بليبيا . الا ان الازمة الأمنية التي نتحدث عنها ـ والحمد لله ـ ليست ازمة داخلية، وانما خارجية، ونحس بالتفاؤل باجتيازها بحكم ان هناك جيشا قويا وأجهزة امنية قادرة على التعامل مع تلك الازمة بكل ما فيها من اخطار والتعامل معها بما تستحق وبالتالي حماية الوطن من اية اخطار.

اما الازمة الاقتصادية، والتي تعد هي الازمة الرئيسة، والتي يحس بها كل مواطن، وبخاصة من الطبقة الوسطى والفقيرة، فتكاد تكون ازمة عامة لا تقتصر تبعاتها على الأردن فقط، فحتى الدول الغنية باتت تعاني من أزمات مماثلة، ذلك ان السبب خارجي ويتعلق بالأوضاع التي تعيشها المنطقة.

ما أوردته هنا ليس تبريرا لإجراءات حكومية ... ولا اتحدث هنا عن إجراءات اعتبرناها قاسية واثرت على الأوضاع المعيشية للمواطنين، لكنني اتحدث عن دولة راسخة، فيها من المقومات السياسية والأمنية والوطنية ما يمكنها من تجاوز كل الازمات.

نتحدث عن تحالف» وطني» في ضمائرنا وعقولنا قد يتاثر بقضايا تفصيلية يومية لكنه يعترف بخطوط حمراء لا يمكن تخطيها، وبوطن بني بسواعد الأجداد وصولا الى الاحفاد لا يسمح لاحد بان يمسه بسوء.

وطن الكل فيه جنود ورجال امن، يختلفون فيه على مخالفة سير، او تصرف فردي لرجل امن، او حتى على نزاهة مسؤول، او تعيين شخص في موقع معين ... لكن الجميع يتفقون على حرمة الوطن، وعلى ان المس به من الكبائر، وان على الجميع ان يحافظ عليه واحة امن واستقرار حتى لو كان المحيط الذي نعيش فيه هائجا.

وطن يفهم اهله الاستقلال بمنظورهم الذي تربوا عليه، ومارسوه تجربة حية، عمرها من عمر الدولة، تجربة نحتها الآباء والاجداد في صخر الوطن ... وتفيأ الأبناء ظلالها خيارا وطنيا غير قابل للنقاش.

فلنهنأ بوطننا ... ولندع الله ان يحفظ هذا الوطن ... ولنعظم قواسم الخير فيه .. ولندع بصوت واحد « كل عام والوطن بخير «..