ثلاث أثاف لحماية الاستقلال


ونحن نتفيأ ظلال الاستقلال المجيد، لا بد من التذكير بان الحفاظ على هذا المنجز الوطني، وحمايته، وتجذيره في تربة هذا الحمى العربي يستدعي - في تقديرنا- تجذير ثلاث قضايا يطغين على المشهد الاردني:

الاولى: الاستمرار في التصدي وببسالة وقوة للارهاب، الذي يهدد العالم باسره، كما يهدد كل بيت، وكل أسرة ... يهدد الوطن بكامله ... يهدد منجزاته واستقراره ... يهدد أمن المواطنين، مذكرين بقوله عليه السلام "أنت على ثغرة من ثغر الاسلام، فلا يؤتين من قبلك”.

إن مكافحة هذا الوباء يستدعي أن يكون كل مواطن خفيرا، وهذا ما تحقق بالفعل، وما أكدته الاحداث المؤلمة التي شهدها الوطن مؤخرا، اذ يتسابق الاردنيون كافة ... قيادة وشعبا وجيشا في التصدي لهذا الفيروس، ويجمعون بضرورة استئصاله من جذوره كحل وحيد، ليبقى الوطن واحة أمن واستقرار، ويبقى المواطنون امنين ... ما يستدعي الاستمرار في التوعية ... والاستمرار في اليقظة، وعدم الاسترخاء، أو الاطمئنان الى الافاعي وأن لانت ملامسها ...

الثانية: تطوير القوانين والانظمة لاجتثاث الفساد والمفسدين ... فمنذ عودة الحياة الديمقراطية عام 1889، وخطابنا لا يخلو من التذكير بهذا الخلل، وبهذه السرطانات التي لا تكتفي بمص دماء الوطن، ودماء المواطنين، ولكنها تفرخ في الارض وتتكاثر كما تتكاثر الطحالب والسرخسيات.

ان واقع الحال يؤكد أننا لم نقض على هذا الوباء، ويؤكد أن الفساد لا يزال موجودا، وأن الفاسدين موجودون وقادرون على التلون وتغيير جلودهم كالحرباء التي تغير لونها طبقا للبيئة التي تعيش فيها ... وهذا يحتم اجراء تعديلات قانونية جذرية كفيلة باستئصال هذا الوباء من جذوره. ومن هنا ندعو لتشريع قانون "من أين لك هذا” ؟؟

ونسأل ... ونتساءل ؟؟ لماذا لم يشرع هذا القانون حتى الآن، خاصة وقد ثبت عجز الصيغ البديلة، وفشلها في اجتثاث الفساد والمفسدين، وفشلها ايضا في كسب ثقة المواطنين.

ومن هنا، لا بد من تشريع قانون "من أين لك هذا”؟ ... فهو الوحيد الذي يعطي القضاء الفرصة والمسوغ القانوني، لمحاصرة هذا الوباء، الذي استباح البلاد والعباد، وقطع دابر هذه الفئة التي اعتادت أن تأكل لحم الاحياء.

الثالثة: التمسك بالخيار الديمقراطي، وتطويره، وتجذيره، كخيار وحيد لا بديل عنه في الحكم وادارة البلاد، لتحقيق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص وتداول السلطة سلميا.

كلام كثير يمكن أن يقال عن مسيرتنا الديمقراطية والانتخابات، وتجربة مجلس النواب، ورغم ان المجال لا يتسع، فلا بد من التأكيد وبالمختصر، بأن تجربتنا الديمقراطية لم تكتمل بعد، وان قوانين الانتخابات كانت ولا تزال محكومة بالصوت الواحد، رغم تعدد الصيغ والاجتهادات، فمحور هذه القوانين هو "الصوت الواحد” وهو سبب تعثر التجربة الديمقراطية، وسبب مراوحتها في مكانها، وسبب اتساع هوة عدم الثقة بين المواطنين ومجلس النواب.

ان تصحيح التجربة يستدعي تشريع قانون على غرار القوانين في الدول المتقدمة، يحقق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، ويشكل آداة متطورة لاسئصال الفساد والمفسدين، ويقضي والى الأبد، ليس على "الصوت الواحد” وانما على روحه التي تسكن تضاعيف هذه القوانين.

باختصار ...

الحفاظ على الاستقلال ... في هذا العالم الذي يمور بالفتن والارهاب، يستدعي نفيرا عاما يشكل حائطا لصد رياح الارهاب الصفراء، وتشريع قانون "من اين لك هذا” لاستئصال الفساد والمفسدين، وتشريع قانون انتخابات جديد، يخرج الديمقراطية من حالة المراوحة التي تعيشها ... يحقق العدالة والمساواة ويقضي على روح الصوت الواحد، ويعيد ثقة المواطنين بهذه التجربة.

وكل عام والجميع بخير.