هذربة في شارع الإصلاح..!!

هذربة في شارع الإصلاح..!!

·        موسى الصبيحي

 

اضطررت نهاية الأسبوع الفائت إلى التزام البيت بسبب انفلونزا حادة داهمتني، وأقعدتني المنزل، مما حرمني من قضاء سهرة اعتيادية تمتد حتى منتصف الليل مع الصديقين العزيزين مجاهد وراضي، حيث ننتظر دائماً مجيء نهاية الأسبوع لكي نلتقي في أحد مقاهي عمان القديمة، ونتجاذب أطراف حديث طويل في مختلف الشؤون، يطغى فيه المحلي على السياسي، والاجتماعي على الرقمي..!!

نهاية الأسبوع الماضي كانت قاسية بالنسبة لي، لا بسبب المرض فحسب، ولكن بسبب الإقامة الجبرية، فلم أعتد البقاء في البيت، ومع ذلك أعترف بأنها كانت مفيدة لي على الصعيد الشخصي، حيث كانت فرصة لأقرأ الكثير مما كنت أؤجل قراءته من كتب ومجلات وبحوث تراكمت على مكتبي في البيت لعدة أشهر ماضية متذرعاً بضيق الوقت..!

اليوم أشعر برغبة جامحة في الكتابة، بعد أن قرأت الكثير، ومنْ لا يقرأ لا يملك أن يكتب شيئاً مفيداً وجديداً، وقد شكّلت قراءاتي خلال نهاية الأسبوع مصدراً مهماً للتفكير في قضايا وطنية عديدة، أهمها الحراك من أجل التغيير، والنشاط الكثيف الذي بذله الملك محلياً خلال الأسبوع، وبدأت تتشكّل لدي قناعة بأن الأردن يحتاج إلى نهضة من نوع مختلف عما نشاهده في الشارع العربي، فما بين "مجتمع الكراهية" و "مجتمع الشفافية" - مع عدم الاعتذار للسياسي الأردني سعد جمعة والروائي الأمريكي ديفيد برين - بون شاسع قد يستغرق التفاوت الهائل بيننا وبين مجتمعات عربية أخرى، على الأقل من ناحية القدرة على التفكير والتنظير مما يُنتج نخباً مؤهلة للحوار الوطني في كل الموضوعات الحيوية التي تحتاج إلى إطلاق حوارات حولها، والوقوف بالتالي أمام حلول اجتهادية يمكن أن تسهم بإيجاد أرضية صالحة للتفاهم والودّ، والتعرف على الرأي الآخر كاملاً..!!

الفكرة التي أريد إيضاحها هنا: أننا في الأردن على الرغم من سعينا الجاد للوصول إلى تفاهمات حقيقية وعملية للخروج من أزماتنا التي لا نعترف بها دائماً، إلاّ أننا كثيراً ما نرفض تشكيل جبهات ديمقراطية أو ما يمكن أن نطلق عليها كتلاً تاريخية للإصلاح، هي نتاج تراكمات من العمل الذي لم يكن موجّهاً يوماً ما باتجاه معين، ولكنه كان يؤدي دوره في جوانب معينة من حياتنا المجتمعية بأسلوب نافع وجدي وفاعل، مع أن الثمن الذي كان يدفعه الساعون بتلك الأفكار كان كبيراً، والسبب أن سقف الاستماع للرأي الآخر كان متواضعاً، وأن الإعتراف بالأزمات كان معدوماً.. مما يدخل في باب المحرّمات، فأي كتل تاريخية كانت تتضارب فيما بينها عبر عقود فائتة باجتهادات إصلاحية أو ربما إفسادية شديدة القساوة..!!

مفاتيح الحل بيدنا، وهي باختصار وبساطة أن نبدأ بإعادة بناء كتلنا التاريخية الإصلاحية ولكن بصورة متوائمة مع مستجدات المجتمع بعيداً عن العشوائية والأبوية والرعوية، وأنا واثق بأننا سننجح في كسب ثقة الشعب، وسنجد أن أحزابنا السياسية والاجتماعية بدأت تتحسس مواقع أقدامها، وتتحفّز للقفز لساحة السلطة الشرعية دون أن تسمح لأحد بالتدخل أو التطفل..!!

قد يقول البعض: إنها بقايا أعراض الإنفلونزا.. هذربات غير مفهومة ولا مهضومة..!! وأقول: سامحكم الله..!! 

 

     

Subaihi_99@yahoo.com