التجاوزات المسيئة عبر وسائل التواصل


ما زالت وسائل التواصل الاجتماعي تشهد تدفقا هائلا للمواد والتعليقات والاخبار المفبركة والمغلوطة، والتي تتسبب بأحايين كثيرة في تأزيم وتصعيد القضايا لدرجة خروجها عن السيطرة والاساءة للاشخاص والحاق الاذى بهم، وهي مبنية بالاساس على استنتاجات او اشاعات مغرضة تهدف الى توجيه الرأي العام باتجاه معين، لخدمة أهداف وغايات ذاتية.


القصص المغلوطة والمُزيفة التي تخرج بين الحين والاخر، وهي بالمناسبة تنتشر «كالنار بالهشيم» ممارسات غير اخلاقية وتسيء الى الاشخاص وحياتهم الخاصة وتُلحق بهم وبالمصلحة العامة الضرر، يستغلها مطلقوها مستفيدين من التكنولوجيا الحديثة بسرعة الوصول الى الرأي العام، وغياب المساءلة القانونية والحقوقية، وهناك العديد من الامثلة التي يمكن استذكارها بهذا الخصوص.

انتشار الاكاذيب والتلاعب بالكلمات والتصريحات وتأجيج مشاعر الناس والابتزاز، عبر مواقع التواصل المتعددة سعيا وراء الشعبية او تحقيق المكاسب او الاضرار بالآخرين، اضحى يفوق كل تصور، خصوصا وان تعدد المصادر وتشعبها يربك المتصفح لتلك المواقع والصفحات، ويضيع الحقيقة ويسمح بنشر الاشاعة والروايات التي لا تستند لمصادر معلنة او متخصصة، بالتالي قد يساهم المواطن نفسه بنشر تلك الاكاذيب وتوسيع دائرة انتشارها دون أن يدري.

مطلقو هذه الاشاعات، يلجأون الى حماية انفسهم بحجة «حرية التعبير عن الرأي»، وان ما يكتبونه او ينشرونه يندرج تحت بند «حرية التعبير « التي كفلها الدستور، لكن لم يسأل هؤلاء أنفسهم عن مدى الاضرار التي تلحق بالاشخاص او الاقتصاد او المؤسسات، عندما يقال على سبيل المثال لا الحصر:» خبر زيارة شيوخ العشائر لاسرائيل، الخبر الموجه الذي لم تنشره وسائل الاعلام العبرية»، او « اصابة خمسة ملايين اردني بمرض السكري»..او خبر « لهو فتاة الى نزع حجاب مقصود «، او «القتل بداعي الشرف» في جبل الزهور، وغيرها الكثير من الاخبار.

العديد من متناقلي تلك الاخبار والفيديوهات الوهمية المصحوبة بتعليقات موجهة، قد ينقلونها بحسن نية، او رغبة في مشاركة اصدقائهم تلك الاخبار، هنا تقع مسؤولية كبيرة على الصحفيين والاعلاميين بالكشف عن الحقائق واستعادة السيطرة على مصادر الاخبار وتزويد المتصفحين بها وتحذيرهم من تلك الاخبار، من خلال التنبيه والتذكير بأن هذه المعلومات غير دقيقة او وهمية او قديمة، والتحذير من تداولها.

لكن، ومع تشويه صورة وسائل التواصل الاجتماعي ووسمها بشبكات «الاشاعات والاكاذيب» خصوصا وانها تستخدم في احايين كثيرة في أغراض مشبوهة وتحمل أجندات، تبقى المسؤولية ملقاة أيضا على عاتق الحكومة التي لم تنجح حتى الان، بإيجاد وسيلة رقابة ومساءلة فاعلة، تضع حدا لمطلقي الاشاعات وأصحاب الاجندات الشخصية، والمسيئة للمجتمع وأمنه واستقراره