عندما نناقض انفسنا

عندما نناقض انفسنا

 

ارجو  ان لا يفهم القارىء العزيز انني مع الذين قاموا بالاعتداء على مكتب وكالة الانباء الفرنسيه في عمان فهذا عمل مشين لا يمت لاخلاق الاردنيين بصله ولا اعتقد ان اهلنا في الطفيله مسؤولين عما حدث فنحن نعرفهم جيدا والشيء المؤكد ان من اقدم على هذا العمل الشنيع هم فئه تريد تشويه صورة الاردن امام العالم وتظهره انه دولة تعمل بشريعة الغاب لا مكان فيها للقوانين والانظمه وقضائها  ضعيف .

عودا الى موضوع المقال وهذا الذي استفزني لكاتبته حيث وبعد الاعتداء مباشرة تنادت الكثير من الاصوات مدافعه عن مكتب الوكاله وعن مندوبتها رندا حبيب وهناك بعض الصحفيين من شبه الحجاره التي قذف بها المكتب كأنه رصاص اطلق عليه وبعدها تنادى الاخوة الصحفيين الى وقفه تضامنيه امام الوكالة دفاعا عن حرية الصحافه كما يدعون وكأن ما قامت به رندا حبيب يدخل في خانة الحرية الصحفيه وان قلب الحقائق وتشويهها هو حرية صحافيه وتشويه صورة الاردن الوطن امام العالم   بشكل يظهر ان الاردنيين وخاصة في الجنوب  لا يحبون الملك وهذا هو التفسير الوحيد للحدث وهكذا يفهم من قبل العالم وخاصة الغربي الذي يثق بالصحافه ثقة عمياء وكيف لا والخبر نشرته وكالة الصحافه الفرنسيه بينما لم نجد نفس ردة الفعل الغاضبه او حتى ردة فعل خجوله  من قبل هؤلاء عندما  نشرت نفس الوكاله الخبر الكاذب حول زيارة جلالة الملك للطفيله.

وهنا احمل الحكومه الاردنيه كامله المسؤولية فهي التي سمحت للامور ان تتطور الى حد  تدمير مكتب الوكالة حيث كان يجب ان تتخذ اجراء فوريا وسريعا وليس فقط الاكتفاء بالنفي وكأننا متهمون وكأن الخبر صحيح كان لا بد من الحكومه ارسال مندوبة الوكالة الى المدعي العام  والى القضاء الاردني النزيه بتهمة نشر معلومات

   كاذبه وخاصة اننا دولة مؤسسات وقانون ليأخذ كل واحد جزاءه العادل واجبار مندوبة الوكالة بالكشف عن مصدر الخبر وهو كما قالت مصدر امني موثوق مع اننا نشك بكلامها المفبرك .

وكم تمنيت مرات كثيره ان اشاهد هذه الحماسه منقطعة النظير التي يتحلى بها بعض  كتابنا الصحفيين وبعض الاحزاب الاردنية ومؤسسات المجتمع المدني المدافعين عن حرية الاعلام والصحافه عندما يتعرض مراسل فضائية عربية او اجنبية او مراسل صحفي اجنبي للاعتداء في الاردن  كيف يهبون هبة رجل واحد وينظمون الاعتصامات واصدار البيانات  الرنانه ونشر مقالات صحفية تدافع بها عن هؤلاء المراسلين ومندوبي وكالات الاخبار والفضائيات  ويهاجمون الحكومه ويطالبون بفتح لجان تحقيق وتقديم المتورطين للعداله وللاسف فاننا لا نرى مثل هذه الحماسه العاليه مثلا عندما يهاجم  احد مراسلي هذه الفضائيات الاردن شعبا وقيادة او عندما تجند احدى الفضائيات مندوبيها ومذيعيها للهجوم على الاردن هكذا وبدون سبب تنفيذا لاجندات ومخططات خبيثه تم الاتفاق عليها في الغرف المظلمه وكم تمنيت ان اشاهد هذه الحماسه ضد ذلك الشخص الذي ينتمي الى جماعة اخذت من الارقام  اسما لها  تقليدا اعمى لبعض الشباب في الدول العربيه  عندما قام برمي ميكرفون التلفزيون الاردن وامام الناس على الارض  وقام بطرد مراسل التلفزيون من مجمع النقابات المهنيه تحت تصفيق وترحيب من الحضور الجالسين وكأنه مندوب للتلفزيون الاسرائيلي وكم تمنيت ان يخرج علينا احد هؤلاء يندد او يدعو الى اعتصام او وقفه تضامنيه  مع مراسل التلفزيون الاردني  وكأن الموضوع ليس له علاقة بحرية الصحافه والتعدي على كرامة الصحفيين  .

حاولت جاهدا ان اجد تفسيرا منطقيا لما يحصل لدينا هنا في الاردن وعن هذا السلوك الغريب في التعاطي مع قضايا الاعلام والتناقض الواضح في التصرفات وردة الفعل بين ما يحصل لمراسلي وسائل الاعلام الاجنبيه والعربيه في الاردن وبين ما يحصل للاعلاميين الاردنيين او مؤسساتنا الرسميه فلم اجد جوابا شافيا حتى مركز حرية وحماية الصحفيين لا يظهر للعلن ولا نسمع له صوتا او ضجيجا او تصريحا ناريا الا عندما يتعرض مراسل صحفي غير اردني للاعتداء او حتى لمشكله صغيره ثم يدخل في سبات شتوي ولا نعد نسمع له صوتا حتى لو تم اهانة الاردن ومؤسساته الوطنيه  من قبل الاعلام الخارجي المسيس  واذا خرج علينا ببيان يكون خجولا  لا يضر ولا ينفع.

نحن مع حرية الصحافه والاعلام وضد تقييد الحريات في الكتابة والتعبير وضد الاعتداء على اي شخص في الاردن مهما كان عمله سواء صحفي او مراسل اخباري او حتى عامل لانهم جميعا ضيوفا اعزاء علينا ولاننا الاردنيين نحترم الضيف ونحميه  ولكن بشرط ان لا يخرج الضيف عن حدود الادب وان يحترم البلد الذي يعيش فيه وان لا يتعمد الاساءه اليه وتشويه صورته وقلب الحقائق تحت ذريعة واهيه وهي حرية الصحافه حتى اكثر الدول تقدما في الديمقراطيه والحريات العامه لا  تسمح لاحد مهما كان ان يسيء اليها او لاحد مواطنيها او ان ينشر اخبار ومعلومات كاذبه وبشكل متعمد ودون التأكد من صحة الخبر من مصدره لان من ابسط مبادىء الصحافه المصداقيه والشفافيه وعدم الخروج عن مبادىء الاخلاق  في نقل الخبر.