دير شبيجل: السعودية تحاول وقف عجلة التاريخ لضمان استقرارها
تبدو السعودية وكأنها تخوض معركة جديدة لوقف تيار التاريخ، إذ تبذل أقصى جهدها للحفاظ على المملكة بعيداً عن الاضطرابات والثورات فى العالم العربى»، بهذا المنطلق تسعى السعودية، وفقاً لتقرير نشرته مجلة «دير شبيجل» الألمانية، الخميس، إلى تخفيف حدة الاحتجاجات على حدودها بشتى الوسائل.
فعلى مدار الشهور الخمسة الماضية، حاولت السعودية أن تنأى بنفسها عن الثورتين فى مصر وتونس، والإضرابات على حدودها فى كل من اليمن والبحرين، إما بعزل نفسها عن الإطار الخارجى أو بمحاولة التأثير على جيرانها لتخفيف حدة الأحداث.
ففى الوقت الذى كانت فيه الاضطرابات تعم المنطقة العربية، كانت السعودية، لاسيما العاصمة الرياض، وكأن شيئا لم يحدث.
فلقد أصبحت السعودية أشبه بـ«مملكة» وصلت إلى مرحلة «الركود التام» فى ظل عالم سريع التغير، لاسيما أن قادتها وأبرزهم الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، 86 عاما، لا يزالون يعلقون آمالهم على المبدأ القديم للاستقرار. ووفقا لـ«دير شبيجل»، فإن الملك عبدالله ربما يكون سعيداً لرؤية عدوه الزعيم الليبى معمر القذافى فى مأزق، إلا أنه بالتأكيد يزعجه إطلاق المتظاهرين التونسيين العنان لأنفسهم والإطاحة برئيسهم، ولعل ذلك ما يجعله يتردد لحظة فى تقديم بلاده منفى لـ«بن على» المحاصر. وفى محاولة منهم لضمان عدم وصول شرارة الثورة إليها، دفعت السعودية لأول مرة فى تاريخها بقواتها عبر جسر الملك فهد إلى جارتها الخليجية البحرين.
وفى سوريا، لم تتدخل المملكة عندما بدأت الاضطرابات هناك فى مارس الماضى، لتصل ذورتها مع مجزرة مدينة جسر الشغور، وكأن هناك اتفاقا ضمنيا بينهم، فعلى الرغم من نظرات الريبة التى ظلت متبادلة لسنوات بين آل سعود وعشيرة الرئيس السورى بشار الأسد، لتحالف الأخيرة مع إيران الشيعية، إلا أنهم فى النهاية اتفقوا على أنهم يريدون الهدوء وليس التغيير فى بلدانهم.
ولعل ذلك التحالف الضمنى ظهر جليا فى دعم دمشق لدخول قوات الرياض البحرين، بما دفع الممكلة أن ترد بالمقابل بالصمت تجاه ما يحدث فى سوريا مهما كانت وحشية الأسد فى سحق الاحتجاجات هناك.
أما فى اليمن، حيث كان سلاح الجوى السعودى العربى يتجاهل حتى وقت قريب قصف المتمردين الشيعة بشكل روتينى على الحدود، بدت حاليا تواجه الفوضى منذ اندلاع الربيع العربى بينما تعلق السعودية آمالها على الاستقرار فى صنعاء، ولعل ذلك ما دفعها للإعلان الأسبوع الماضى عن التبرع بنحو 3 ملايين برميل من النفط لليمن.
وتسعى الممكلة عبر إرسال قوات إلى البحرين، والوعد بمليارات الدولارات لمصر، والرضا عن دمشق، وتدفق النفط إلى اليمن، إلى توقف حركة التاريخ، فى محاولة منها لإعادة الهدوء والاستقرار على جميع الجبهات حولها مستخدمة نفوذها وأموالها فى المنطقة.
فلا تريد المملكة الخليجية، المسؤولة حاليا عن نحو 12% من الإنتاج العالمى للنفط، إلا الهدوء فى جميع أنحاء المنطقة، حتى تضمن استقرارها، فتلك الدولة الغنية يبدو أنها لا تبحث عن التغيير، على الرغم من أن الكثيرين يرونها أرض التناقضات، إلا أن «التاريخ طالما يحدث ولا يستطيع أحد أن يمنعه».