حتى لا نعود للمربع الأول


أيا كانت التحفظات من أي طرف على مخرجات لجنة الحوار، وتحديدا ما يتعلق بقانون الانتخاب، فإن هذه المخرجات توافقية، وتمثل كل الاتجاهات السياسية بما فيها الإخوان المسلمون الذين بقي لهم بعد الانسحاب عضوان، هما القيادي الإخواني عبدالهادي الفلاحات وإن كان ممثلا عن النقابات لكن هذا لم يخرجه من إخوانيته، ومن الطبيعي أن يكون متواصلا مع قيادته وهو منها، لإطلاعها وأخذ رأيها في أعمال اللجنة، إضافة إلى عضو آخر وهو رئيس اتحاد طلبة الجامعة.
مخرجات اللجنة لقيت من الملك دعما كبيرا في خطابه الأخير، وهذا تحقيق للالتزام الملكي للجنة بأنه ضامن لها، لأن الملك يدرك بحكمته أن أي تحفظات من أي طرف لا تذكر أمام الخيار الآخر وهو العودة إلى المربع الأول، والبحث مرة أخرى عن آلية للتوافق بعدما قضت الدولة وليست اللجنة أشهرا في عمل اللجنة. وستذهب هذه المخرجات مع التعديلات الدستورية إلى مجلس الأمة خلال هذا العام لإقرارها. ولهذا، فان كل العاملين في العمل السياسي يجب أن يدركوا أن الحفاظ على مخرجات اللجنة وتحويلها إلى واقع وتشريعات دعم للإصلاح، وبناء مستقبل سياسي متقدم على الحالة الحالية.
لكن المشكلة التي واجهتها اللجنة كانت مع جزء من القوى السياسية التي شاركت في اللجنة. ويلفت الانتباه أن تقرأ بيانا لأحد أحزاب المعارضة التي كان رئيسها عضوا في اللجنة وكان جزءا من عملها، يرفض مخرجات اللجنة ويعتبرها مخيبة للآمال، وأنها لم تلب طموحات المؤمنين بالإصلاح، وأن اللجنة أخفقت في الوصول إلى قانون انتخاب يزيل كل العقبات. والمشكلة ليست في أن يكون للحزب موقف، لكن المشكلة في أن هذا الحزب شريك استراتيجي في وضع قانون الانتخاب، وإن كل من يعمل في العمل السياسي والعام يدرك أن مخرجات اللجنة لن ترضي الجميع، وأن أي حزب أو فرد يشارك في اللجنة لن يستطيع فرض كل ما يريد. وبالتالي، فإن المشاركة في عمل اللجنة رضى وقبول بآلية العمل، وهي التوافق. ومن ثم، فإن مخرجات اللجنة هي توافقية وليست ممثلة لرأي كل طرف، فلماذا كان العمل ثم محاولة الاستدراك والتنصل من استحقاق أن تكون جزءا من اللجنة عبر بيان يدين المخرجات؟! فمن كان مدركا لآلية العمل فإنه مطالب إما بتحمل مسؤولية التوافق الذي هو جزء منه أو الانسحاب مبكرا، لكن المشاركة ثم نقد النتائج باعتبارها رجسا من عمل غير الإصلاحيين فهذا أمر غير سياسي.
وتكرر الأمر مع بيان صدر لأحزاب المعارضة كان وقع عليه حزبان شاركا في اللجنة. وهذا يضعف من هذه المخرجات وينقل العمل إلى نقطة الصفر.
لا أدافع عن مخرجات اللجنة، وقد كتبت عن نقد لبعض البنود، لكن العبرة بطريقة التعامل ممن كانوا شركاء في إنتاج هذه المخرجات التي تعبر عن موقف كل عضو وتمثل الآن رأي كل جهة سياسية شاركت في اللجنة، لأن للمشاركة ثمنا قبضته كل جهة أو فرد شارك، وهي القدرة على تقديم رأيه، بل ومحاولة تمريره وإقناع الأعضاء به. ومقابل هذا، هنالك مسؤولية مشتركة على الجميع في تبني هذه المخرجات والدفاع عنها باعتبارها محصلة توافق الجميع، حتى وإن لم تحقق لأي طرف كل ما يريد.