العلاقات التركية الخليجية
هذا إلى جانب الرغبة في استقطاب الاستثمارات الخليجية إلى تركيا، وكذلك تمكين الشركات التركية من بعض الفرص الاستثمارية في دول الخليج العربية، بالإضافة إلى إيجاد أسواق جديدة للمنتجات التركية خاصة منتجات صفائح الزجاج والأسمنت ومواد البناء والملابس الجاهزة، كما ان هنالك رغبة تركية في لعب دور أمني في الخليج؛ إذ ترى تركيا أن الآلية المثلى لتحقيق الأمن في منطقة الخليج تكمن في بناء توازن إقليمي بمساعدة القوى الكبرى.
وقد انضمت دول الخليج العربي إلى مبادرة اسطنبول التي طرحها حلف الناتو عام 2004، وتتضمن هذه المبادرة تصور الحلف وتركيا لحفظ الأمن في منطقة الخليج العربي، ويتمثل جوهرها في عقد اتفاقيات ثنائية بين الحلف والدول الخليجية الست لتحقيق جملة من الأهداف المعلنة؛ أبرزها مكافحة الإرهاب ومكافحة ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل. وقد وقعت الدول الخليجية عدا السعودية وعمان على الانضمام للمبادرة رغم إقرارهما بوجود جوانب إيجابية فيها، كما أن المبادرة تتضمن في مراحلها اللاحقة دعوة كافة دول الشرق الأوسط التي ترغب بالتعاون مع الحلف في هذا المجال، هذا على الصعيد التركي أما على الصعيد الخليجي فهنالك جملة من الأسباب جعلت دول الخليج العربي أكثر قبولًا لدور تركي متنامٍ على الساحة الإقليمية؛ من أبرزها حالة الفراغ التي خلفها احتلال العراق وسقوط نظامه السياسي عام 2003؛ مما أحدث اختلالًا في التوازنات الإقليمية يصب لصالح النفوذ الإيراني؛ مما جعل دول الخليج تعزز علاقتها بتركيا لتحجيم الصعود الإيراني وإحداث توازن معه إلى جانب حالة النمو الاقتصادي التي شهدتها تركيا منذ العام 2002؛ مما جعل من البيئة الاستثمارية في تركيا جاذبة للمستثمرين الخليجيين، وكذلك الحاجة الخليجية لتأمين حاجاتها الغذائية من المنتجات التركية ذات الفائض الإنتاجي الكبير.
ويعد العام 2008 نقطة تحول بارزة في العلاقات التركية الخليجية نتيجة توقيع الجانبين مذكرة تفاهم للشراكة الإستراتيجية، على هامش اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في دورته رقم 108 الذي عقد بمدينة جدة السعودية؛ فقد ارتفع حجم التبادل التجاري بين تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي من 1.5 مليار دولار عام 2002 إلى 12.5 مليار عام 2011، ووصل هذا الرقم إلى 17.5 مليار دولار نهاية العام الماضي 2016، ومع كل هذا فإن العلاقات التركية الخليجية لم تصل إلى حالة من التعاون الاستراتيجي نتيجة لتباين مواقف الجانبين إزاء العديد من القضايا الإقليمية، خاصة ثورات الربيع العربي وتداعياتها؛ كالانقلاب العسكري في مصر وتصنيف جماعة الإخوان المسلمين في دول الخليج كمنظمة إرهابية؛ الامر الذي رفضته تركيا.
إن تحول الحالة القائمة بين دول مجلس التعاون الخليجي وتركيا إلى تحالف استراتيجي سياسي اقتصادي عسكري سينعكس ايجابيًا على مجمل الحالة الإقليمية، ويخلق نوعا من التوازن في مواجهة النفوذ الإيراني بالإضافة إلى التكامل الاقتصادي بين الجانبين.