وثيقة حماس.. صاروخ طائش في الهواء الطلق


عندما ظهرت حركة المقاومة الاسلامية(حماس )سنة 1987 قلنا طلع البدر علينا .الشعب الفلسطيني كان سعيدا بظهورها العلني خاصة وانها لم تخذله فقدمت الشهداء تباعا وعشنا مع قوله تعالى:- ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا).صدق الله العظيم الا ان الازمات ابت ان تترك حماس بل رافقتها لدرجة ان الكثيرين اعتقدوا ان هذه الحركة لن تستطيع البقاء في الساحة الفلسطينية .بل ذهب البعض الي ان حماس سوف ترفع الراية البيضاء وتستسلم .

وفاجأتنا حماس بانها اعدت قوات مسلحة ومدربة تدريبا عسكريا ممتازا وصنعت الصواريخ بالرغم من الحصار الاسرائيلي برا وبحر وجوا..

صمدت حماس 11 سنة وهي تقاوم بامكانيات متواضعة وتصدت لاعتداءات اسرائيلية متكررة كان اخرها عدوان سنة2014 حيث دمرت الطائرات الاسرائيلية اجزاء كبيرة من غزة .وتركت غزة وحيدة في المعركة . وهناك من وصفها بحركة ارهابية ..والصقوا بها التهم جزافا كان اخرها انتماؤها الى حركة الاخوان المسلمين المحظورة في بعض البلاد العربية.

ويبدو ان حركة (حماس) اصابهتا السهام من كل جانب.مقرونا بتعب جميع المواطنين الفلسطينيين في (غزة ) فارادت (حماس)الخروج من هذا المازق او أن تثبت للعالم انها حركة سلام ..وهي ليست من رحم الاخوان المسلمين.

فقد اعلنت حماس عن تعديل في موقفها من جميع المشاكل التي كانت امامها ولكن في الحقيقة يوجد تغيير طفيف في موقفها ولعل اهم المتغيرات الجديدة هي:-

1-موافقة حماس على اقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران سنة 1967 وعاصمتها القدس الشريف.دون الاعتراف بدولة اسرائيل.

2-ترفض حماس اضطهاد اي انسان او الانتقاص من حقوقه على اساس ديني او قومي او طائفي .

3-ترى حماس ان المشكلة اليهودية والعداء للسامية واضطهاد اليهود ظواهر مرتبطة بالتاريخ الاوروبي في معاملتهم لليهود وليس بتاريخ العرب والمسلمين .

4-تنظر حماس الى موافقتها على الدولة الفلسطينية على جزء من فلسطين باعتبار ذلك صيغة توافقية فلسطينية فقط .كما تؤمن حماس بادارة العلاقات الفلسطينية على قاعدة التعددية والانتخابات الديمقراطية.

5-تؤكد حماس انها حركة وطنية اسلامية فلسطينية مرجعيتها الدين الاسلامي وهي لا تتبع ايا من الحركات الاسلامية خارج حدود الوطن الفلسطيني.

6-تؤكد حماس ان حربها مع اسرائيل ليست حربا دينية ..فهي لا تكره اليهود بسبب ديانتهم ولا تحاربهم .وانما تحارب الاحتلال بغض النظر عن ديانته.

هذه اهم النقاط التي تعتبر حماس انها غيرت مواقفها الواردة في ميثاقها الوطني .الا ان حماس لم تغير شيئا من مواقفها المتعلقة بالثوابت الوطنية الفلسطينية فهي لم تتنازل عن تحرير كامل التراب الفلسطيني ولم تعترف باسرائيل ولم تعترف باتفاقيات اوسلو ولم تتنازل عن حق عودة جميع اللاجئين .ولعلها تمسكت باهم شرط في القضية الفلسطينية بحسب تفكير (حماس) وهو الكفاح المسلح لتحرير كل فلسطين ولم تتنازل عن سلاحها .

من هذا يظهر التباين المطلق بين موقف (حماس) وبين ما تطلبه اسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة الامريكية والدول الاوروبية لذلك سارعت اسرائيل برفض هذه الوثيقة وهي تصر على موقفها.والرافضون كثيرون.

قد نختلف مع الاخ العزيز الاستاذ (عبد الباري عطوان) في تحليله كما ورد في صحيفة راي اليوم الغراء حيث قال:-

هناك نقاط اساسية نجد لزام علينا التاكيد عليها وهي:-

اولا-لا يمكن قبول اسرائيل والغرب بقيام دولة فلسطينية مرحلية على حدود الرابع من حزيران 1967 دون الاعتراف الكامل بدولة اسرائيل ونبذ الكفاح المسلح والتنازل عمليا عن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين .

ثانيا:- لا يمكن اسقاط تهمة الارهاب وفتح قنوات الحوار الا بعد التخلي عن الكفاح المسلح ..وتسليم السلاح.

ثالثا :-القبول بمبدأ التفاوض المباشر مع اسرائيل والاعترف بها وكل القرارات الدولية والاتفاقات الموقعة معهم بما فيها اتفاق اوسلو.

المؤلم ان جميع التنازلات الاسرائيلية التي ذكرها الاستاذ عبد الباري نفذتها السلطة الوطنية الفلسطينية بل اكثر فقامت بالغاء الميثاق الوطني الفلسطيني وجمدت جميع مؤسسات منظمة التحرير وسلمت سلاحها. ولم يبق سوى (ورقة التوت) التي تستر ما تبقى ولكن اسرائيل رفضت كل هذا.

لذلك نرى ان وثيقة حماس يجب ان توضع في موضعها الصحيح ولا تكون مقدمة لسلسة من التنازلات لها اول وليس لها نهاية..مثل السلطة .

نحن نرى وضع الاسئلة الثلاثة التالية فاذا كان الجواب بالايجاب كان خيرا والا فليس هناك الا جواب واحد تعرفه اسرائيل جيدا وتخاف منه.والاسئلة هي:-

اولا:- هل تريد اسرائيل السلام حقا ..؟

ثانيا هل تملك اسرائيل مفاتيح السلام ..؟

ثالثا :- هل تستطيع اسرائيل استعمال مفاتيح السلام المتوافرة..؟

فاذا كانت اسرائيل تريد السلام وتملك مفاتيحه وتستطيع استعمال هذه المفاتيح فاهلا وسهلا بالسلام العادل والشامل بين الفلسطينيين واسرائيل.

اما اذا كان العكس صحيحا فان وثيقة (حماس) والف وثيقة اخرى ليست الا مجرد مضيعة للوقت ..ومثالا للمفاوضات العبثية التي تجريها السلطة منذ ثلاثة عقود دون جدوى.بل باستمرار اغتصاب الاراضي وزيادة العنجهية الاسرائيلية. لعلنا نتذكر (اسحق شامير) رئيس وزراء اسرائيل زمن مؤتمر مدريد سنة 1991 عندما قال سوف اجعل المفاوضات مع الفلسطينيين (عشر سنوات)..!اي دون جدوى مجرد اضاعة للوقت .

ونتذكر (شمعون بيريز) رئيس اسرائيل عندما قال المفاوضات مثل لعبة الركض على الحواجز فمن يتوقف عن القفز يخسر السباق ..وكأنه اراد للفلسطينيين ان يستمروا في القفز على الحواجز مدى الحياة.

واخيرا نتنياهو عندما رفض مجرد المفاوضات مع الفلسطينيين بحجة عدم وجود شريك فلسطيني مؤهل.

قرأنا اتفاق اوسلو وسمعنا عن حل الدولتين واجرينا المفاوضات مع اسرائيل في انحاء الكرة الارضية وفي كل يوم يضعون حاجزا جديدا .

رفض الجنرال(شارون )اتفاق اوسلو ثم رفض( نتنياهو) حل الدولتين وفشلت كل المفاوضات التي تمت برعاية الرؤساء الامريكيين بوش الاب وكلينتون وبوش الابن واوباما ونعتقد ان (ترمب) لن يكون احسن حظا ممن سبقوه.

اذن هل وثيقة حماس الجديدة صاروخ طائش في الفضاء الطلق..؟ ام اننا بحاجة الى صواريخ حقيقية لتحرير فلسطين فعلا وليس قولا ..؟

فما اخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة..فالصراع مع اسرائيل ليس صراع حدود بل انه بكل تاكيد صراع وجود..يجب الا نخدع انفسنا فانظروا الى تصرفات اسرائيل على الارض انها تؤكد من النيل الى الفرات ارضك يا اسرائيل..!!

sufianshawa@gmail.com