إلى المتخمين: هل تعلمون معنى الإضراب عن الطعام؟!


غريبون نحن العرب، فبالرغم من أننا قوم مأمورون باتخاذ الطعام كوسيلة لغاية وهي تقوية البدن على العبادة والعمل، وبالرغم من كثرة النصائح النبوية بتقليل الأكل والنهي عن البطنة إلاّ أننا لا نأخذ بهذه الإرشادات على وجه التحقيق والالتزام، فكرمنا وإكرامنا يقاس بالطعام، وكم هي القصص كثيرة على كرم حاتم الطائي الذي ذبح كل ما يمكن أكله لضيوفه، حتى عدا على حساب بيته وأولاده!
سعيدون نأكل، في أتراحنا كذلك نأكل، وليس المقصود هنا أكل الكفاية بل أكل الاستغراق والتلذذ وما فوق الشبع، وكثيرون لا يعرفون معنى أن تقرصك معدتك من الجوع إلا إذا كانوا مضطرين للحمية بعد أن أتعبتهم السمنة، والصور المنتشرة على الانترنت لما يتم إلقاؤه في المزابل بالرغم من صلاحيته في بعض دول العرب المترفة، كاف ليطعم الشق العربي المعدم الذي يعاني من مجاعات قاتلة!
يصعب علينا ونحن نتفنن في وجبات الطعام بما تشتهيه الأنفس وتلذّ الأعين أن نشعر بمعاناة المجاهدين والأسرى الذين يضربون عن الطعام لانتزاع حقوقهم، بأمعائهم الخاوية، من عدو غاشم لا يرق ولا يرحم! ويمر الخبر على أسماعنا ونحن على مائدة الطعام دون أن يرفّ لنا جفن وقد نتعاطف قليلا، ولكن التعاطف لا يصل إلى درجة الامتناع عن بعض أصناف الطعام، وخاصة الحلويات، كنوع من المساندة الشعورية لهؤلاء الأبطال!
لقد أصدرت منظمة صورة فلسطين ملصقا عن التطورات الصحية الخطيرة التي يتعرّض لها المضربون عن الطعام على مدى الأيام تحت شعار: نحن لا نبحث عن الموت بل نريد الحياة.
وجاء في الملصق أنّ المضرب عن الطعام يحسّ بعد اليوم الأول بآلام الجوع وتقلُّصات في المعدة، وهذه تختفي بعد ثاني أو ثالث يوم من الإضراب. وفي اليوم الرابع عشر يبدأ الجسم باستهلاك النسيج العضلي حتى يتمكّن من البقاء، وفي اليوم الخامس عشر يفقد الإحساس بالعطش ويصاب بالدوخة وعدم التركيز والقشعريرة ولا يستطيع الوقوف. في اليوم الثامن والعشرين يفقد المضرب 18 بالمئة من وزنه. في اليوم الخامس والثلاثين يصاب المضرب بحالة من التقيؤ اللاإرادي ورجفات سريعة في العين لا يمكن السيطرة عليها. في اليوم الثاني والأربعين تخف حاسة السمع والنظر وربما يصاب المضرِب بالصمم والعمى. في اليوم الخامس والأربعين يمكن توقُّع وفاة المضرب في أيّ لحظة بسبب توقُّف القلب.
فهل فقدنا القدرة على الإحساس الإنساني والمشاركة الوجدانية؟!
المضربون عن الطعام من أجل الحق مشاريع شهادة فأين نحن منهم؟!