عندما تصبح الصورة مشوشة


فجأة تهدأ موجة إجراء تغيير أو تعديل على حكومة معروف البخيت، بعد أن بلغت الشائعات مستوى تقديم استقالته هو والطاقم، ثم قرار بإعادة تشكيل او تكليف، وهذا التحول في مسار الأحداث كمن يطرق على جهاز المرئي بيديه، وفي كل ضربة يفاجأ بقناة مختلفة.
الفترة الزمنية لم تتعد أياما بين حالة الهدوء وتلك الأنباء المتواترة من مصادر مسؤولة وغير مسؤولة، وحتى من أروقة الرئاسة ذاتها، فتارة تعديل شامل وتارة تغيير، حتى إن الأسماء طرحت وتم تدوالها بالتفصيل.
في ذات السياق، كان البخيت يتحدث بحسم أن خطة الحكومة لهيكلة الرواتب ستنفذ رغم وجود اعتراضات هنا وهناك، وآنذاك تحددت باعتصامات محدودة لموظفين في المؤسسات المستقلة، وفجأة ينضم للمحتجين نواب ومسؤولون وسياسيون ونقابيون، رغم أن الخطة تخدم أكثر من 200 الف موظف في الدولة.
وليس ببعيد ردة الفعل تجاه مخرجات الحوار الوطني، وتحديدا قانون الانتخاب، إذ تتصاعد حدتها بعد أيام من موجة ارتياح بأن هنالك توافقا على المخرجات ولو على طريقة «أي شيء أحسن من بلاش»، فيضمن الملك عبد الله الثاني بشكل رمزي في خطابه الأخير مخرجات ذلك الحوار.
البخيت يؤكد مرة أخرى بأن الحكومة لن تتدخل بتلك المقترحات إلا بشكل ضئيل، يرمي الكرة بملعب النواب الذين بدورهم يصدون الكرة بكل عزم وسط شبح حل المجلس، أو حتى رغبة معظمهم بالصوت الواحد لاعتبارات ذات شقين: رفض قانون الانتخاب الجديد بسبب علته، والشق الآخر مخاوف من أن يطاولهم تعديلاته.
في منطقة مثل الطفيلة -شهدت حدثا تم نفيه رسميا تزامنا مع زيارة ملكية- ترتفع الأصوات محذرة من جمعة غاضبة بعد يومين، يقابلها اعتصامات وبيانات أمام مكتب وكالة الصحافة الفرنسية بسبب خبر تراشق بالحجارة واحتكاكات بين مواطنين ورجال الأمن.
عفو عام كان مطلبا شعبيا، وبعد صدوره بساعات تتراص الصفوف اعتراضا على استثناءات، على عكس التوقعات بأن يكون شاملا للجميع في شقيه السياسي والمالي.
الاعتصامات تنتقل باتجاه المحافظات وتخلق حالة تنفيس في العاصمة، بينما تعتقد الحكومة بأن ما يحدث هناك لا يعنيها وعلى الأقل مثار القلق غالبا ما كان بعمان، يقابله تحذيرات من سياسيين وكتاب اعلاميين بأن التهميش بلغ ذروته وسط تحذيرات من خطر قادم.  
إذن ما يحدث ليس إلا ضياعا للبوصلة وخلطا للأوراق، وصورة مشوشة لا يقدر على ضبطها سوى قرار سياسي حازم يشمل المواضيع كافة، يتم من خلاله لملمة ما تم بعثرته في فضاء قاتم لا نعرف ما ستكون نتيجته في المستقبل القريب، ولا نستغرب أن تعود موجة التغيير أو التعديل للواجهة، أو على النقيض تماما أن تعلن الحكومة زيادة مجزية في الرواتب، فالحالة التي نعيشها مشوشة لدرجة عدم استشراف ما يمكن أن يستجد حتى بعد ساعات.