( ملتقى الشباب ) يوصي بإنشاء محكمة دستورية وإلزام الحكومة بجدول زمني لإنجاز الإصلاح
اخبار البلد_ انسحب عشرات المشاركين من الجلسة الختامية لملتقى الشباب في قصر المؤتمرات- البحر الميت ; اعتراضاً على التوصيات التي تليت عليهم من قبل عدد من الشباب; من دون الرجوع إليهم أو إشراكهم في آلية اختيار التوصيات, الأمر الذي اعتبروه محاولة لإقصائهم عن مخرجات المؤتمر وتدخلاً لأشخاص غير معنيين في اللقاء.
عدم الاحتكام إلى آلية ديمقراطية في اختيار شبان لقراءة التوصيات أشعل فتيل التوتر والاحتجاج لدى الكثيرين منهم, معربين عن استهجانهم انتقاء ما خلصت اليه نتائج اجتماعاتهم من دون مبررات رفض البقية, رغم اقتراح بعضهم التصويت الكترونياً ليتيح للشباب حق المشاركة.
وكانت قاعات وأروقة قصر المؤتمرات اكتظت بعشرات الشباب والإعلاميين المشاركين في ملتقى الشباب, الذي دعت إليه الجامعة الاردنية وصندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية, فيما غابت بعض القوى الشبابية الفاعلة في الشأن السياسي.
كشفت ملاحظات المشاركين حول تنظيم الملتقى عن سوء في تنسيق فقراته وتنظيمها رغم تأجيله لأكثر من أسبوعين.
تفاجأ المشاركون فور وصولهم البوابة الرئيسية لقصر المؤتمرات بازدحام المركبات والطلب من المشاركين الرجوع إلى موقف المركبات بمحاذاة القصر, حيث مكان التجمع والتأكد من أسماء المدعوين.
"بداية الخير قطرة", بهذه الجملة بدأ محمد بسام, أحد المشاركين في الملتقى حديثه ل¯"العرب اليوم" بعد ان شاهد جموع الشباب يتهافتون حول كشوفات المنظمين في الخيمة البيضاء; للبحث عن اسمائهم بطريقة تفتقر للترتيب والانضباط; نتيجة غياب أسمائهم عن كشوفات المنظمين, بما يضمن التأكد من الاسماء بيسر وسرعة, وهو الامر الذي اضطرهم لتفحص العديد من الكشوفات أكثر من مرة, حتى عثروا أخيراً على أسمائهم.
وشهدت جلسة الإصلاح الصباحية في اليوم الأول العديد من الأحاديث الجانبية من قبل بعض المشاركين. فيما كان مشاركون في بعض القاعات الاخرى يجلسون حول طاولة واحدة بهيئات غير مكترثين بما يجري من حوارات.
وما بين لهو البعض بهاتفه الجوال وتفحصه, واعتكاف آخرين حول طاولاتهم صامتاً محدقاً في الفضاء حينا وفي اللاشيء حينا آخر, علق محمد عويد وهو أحد المشاركين في الملتقى ممثلاً عن مجلس الشباب العربي للتنمية المتكاملة: ان تلك الحوارات الجانبية أجهضت الملتقى ونأت به جانباً ولم تعكس رغبة الشباب الحقيقية ورؤيتهم في آلية الإصلاح الحقيقي.
وقال انه توقع بداية هذا اللقاء أن يكون أكثر جدية من قبل المشاركين على الأقل وعصفهم الذهني حول المستجدات والأحداث التي تدور في المنطقة من حولنا, أو حتى المرور على التجارب الشبابية العربية او استذكار مؤشرات مبكرة لما آلت اليه الثورات العربية او ما يسمى بالربيع العربي.
وأشار انه كان علق آمالاً كبيرة على جدية المشاركين في نقل هموم الشباب الاردني وتطلعاته, كما توقع تنظيما يفوق ما وجده من حيث توزيع المشاركين والالتزام بمواعيد وعناوين الجلسات الحوارية.
ولكن كانت الظاهرة الأبرز في الملتقى تسرب مشاركين من الجلسات الحوارية اضافة إلى الأحاديث الجانبية خلال الجلسات وهو ما أطاح بهدف مشاركتهم أساسا, إضافة الى التشويش على المشاركين الراغبين في "خوض التجربة", وهو ما أثر على نوعية القيمة المضافة من المشاركة في مثل هذه المؤتمرات.
"العرب اليوم" كانت هناك وحضرت الجلسة الافتتاحية التي حملت عنوان "الإصلاح السياسي والاجتماعي" وعاينت مدى إزعاج "الجادين" من "هذه الفوضى" التي أقنعت الكثير منهم بعدم الجدوى, ونجحت في اخراجهم من ساحات القصر; هرباً من كل ذلك ومما وصفوه بـ"القلق" المزروع في خاصرة الملتقى; المتأتي من اللامبالاة وعدم الإنصات من بعض الحضور للمحاورين.
ووسط انهماك المحاضرين في الحديث عن الإصلاح المنشود وعن آليات التطبيق وأهمية الرقابة الحقيقية على السياسة الرسمية في إطار المصلحة الوطنية, انهمك شابان في مقتبل العمر بالحديث عن اللغة العربية وبحور شعرها وعددها, وانفعلا حتى بادر أحدهما بإعراب جملة "مات العصفور" التي شكلت مادة الجدل فيما بينهما.
وبين الفاعل والمفعول به, ضجر الشابان وهمّا بمغادرة المكان, ولكن انضمام آخر إليهما أوقفهما وسط القاعة وبدأ نقاش آخر حتى علا صوتهم وضحكهم داخل القاعة; الأمر الذي سبب إزعاجاً للحضور خاصة المجاورين لهم, فبادر بعض الحضور لرشقهم بوابل من النظرات المستنكرة لسلوكهم, إلا ان تلك النظرات فتحت الباب واسعاً للحديث عن مواضيع أخرى لا ترتبط من قريب او بعيد بأهداف الملتقى.
بعد أن مجّت أذان أحد المشاركين ما وصفه بـ "اللغط" خرج ممتعضاً من القاعة تاركاً "الجمل بما حمل" لهم. فيما احتمل البعض هذه الأجواء الموتورة من اجل الاستماع إلى المحاضرين الذين آثروا الحضور من المهتمين بالمعلومات الإصلاحية.
يبدو أن الشاب الذي غادر قاعة الاجتماعات لبرهة آثر الرجوع إلى قلب القاعة علّه يتمكن من حصد فكرة جديدة رغم الاشواك المحيطة, وهو ما كان واضحاً من سؤاله لزميله عن إن كان تمكن من سماع شيء أم باءت محاولاته بالفشل.
فبادر زميله بشرح مضمون ما فاته من حوار إبان خروجه, مستغلاً كل الوسائل المتاحة للنزول مع المستفسر الى أسفل الكرسي حتى كاد أن يطوى معه, خاصة وان صاحب شرح صاحبه صخب وهرج ومرج لمجموعة من الشباب بالقرب من الشابين.
ويفسر د. فيصل نادر أبو الشعر, عضو في حزب التيار الوطني, ويعمل طبيب أسنان, هذا السلوك بعدم النضج واختفاء روح المسؤولية لدى البعض, ويرى ان الاسباب تكمن في عشوائية التمثيل.
وينصح أبو الشعر, الذي كان على مقربة من مصدر الإزعاج الشباب بضرورة الاهتمام بمثل هذه الجلسات الحوارية التي من شأنها تشكيل قناعات حول العديد من القضايا المهمة في الأردن, تكون الأساس لديهم في خدمة قضاياهم وقضايا الأردنيين, الأمر الذي يعزز الامن ويوسع من دائرة الحوار ويفضي الى توصيات تعكس الرغبة الحقيقية للشباب في الإصلاح.
حضور الجلسات إجباري
وكان العديد من المشاركين أبدوا استياءهم ل¯"العرب اليوم" من الحضور الإجباري من قبل المنظمين خاصة في الجلسة الأولى, وبعدها, تسنى للعرب اليوم تفقد المكان وأخذ آراء الشباب, إلا أن اللافت في الموضوع وجود حزمة من الشباب وجدوا من توفر الإنترنت والقاعة مادة "دسمة" للكشف عن مهاراتهم والبحث عن أفضل الألعاب الإلكترونية التي زخرت بها شاشات الكمبيوتر وراحوا يتهافتون على الأجهزة التي ملأت المكان.
يقول د. راكان الوليدات, مشارك عن الجامعة الأردنية: "لا شك ان ملتقى بهذا الحجم ويحظى بالرعاية الملكية سيحتم على جميع المشاركين احترام أدبيات الحوار وفي مقدمتها فن الاتصال": مبيناً انه لوحظ في جلسات النقاش والحوار المختلفة أن نقاشات بعض المشاركين الجانبية أدت الى تشتيت انتباه المشاركين وإبعادهم عن المحور الرئيسي للملتقى, وهو ما ينعكس بشكل سلبي على مخرجات وتوصيات الملتقى.
وفي المقابل لا يمكن إغفال بعض الأطروحات المميزة والهادفة التي قدمها عدد من الشباب المهتم على امل أن تفضي إلى نتائج حقيقية وبناءة, رغم أن الامتعاض ساد جلستي الإصلاح والأحزاب.
هذه الظروف دفعت (أ, خ) إلى اتهام لجنة التنظيم بـ"سوء التنظيم" وانعدام التنسيق. واستند باتهامه اللجنة على ما شهده من انتشار للفوضى وغياب الكثير من المشاركين عن الجلسات الحوارية المخصصة لكل مدعو, كما ان هناك الكثيرين تمت دعوتهم لكنهم تفاجأوا بعدم وجود اسمائهم في الكشوفات صباح يوم المؤتمر من مراكز الانطلاق; الأمر الذي أثار استياء العديد منهم, فضلاً عن حرمان آخرين من المبيت رغم استمرار جلسات المؤتمر حتى الساعة 9 مساءً; نتيجة عدم التنسيق المسبق خاصة من قدم منهم من المحافظات.
ولكن لأحد الشباب ممن اتهموا بعدم الوطنية إثر مناكفتهم وخروجهم عن الأهداف الرئيسية للمؤتمر وجهة نظر أخرى, حيث يرى أن الحديث عن الفساد - ومقابله الإصلاح - أصبح غير مجدٍ, وأنه أصبح مادة خاما يسهل فتحها في العديد من الجلسات لكن حتى الآن لم تقنع الشارع الأردني بجدية الحكومة في تعاطيها مع العديد من الملفات التي باتت تشكل مادة رئيسية على طاولات الحوار.
وأشار إلى ان ما يطرح من مواضيع في جلسات حوارية كانت الحكومة قد خصصت للعديد منها لجانا مختصة, مثل لجنة الحوار الوطني, فما هي الجدوى الحقيقية من تجمع الشباب حول طاولات الحوار.
في حين تؤكد سماح محمد بني هاني أن ما تحدث به جلالة الملك سيكون دافعاً حقيقياً للعمل على الدوام من أجل وضع أردننا في مصاف الدول المتقدمة, مؤكدة أن جلسات الشباب كانت غنية بالتوصيات والنقاشات المميزة.
ولبى المؤتمر رغبة شيماء محيلان في المشاركة وإبداء الرأي, بعد أن تشوقت للمشاركة, وذلك لكثرة الحديث عنه فيما مضى من أيام, وهو ما اتضح لها بعد أن أكد الملك أن صوت الشباب مسموع, متمنية ان يتم تطبيق التوصيات على أرض الواقع بما يخدم المصلحة العامة ضمن أطر مجتمعية.
وترى رواند الفاعوري من المجلس الاعلى للشباب بعد مشاركتها في جلسة الأحزاب أن الأحزاب يجب أن تسعى إلى النهوض بالأردن بما يضمن توسيع دائرة المشاركة الحقيقية في صنع القرار.
وأضافت أن صغر أعمار المشاركين لم يمنعهم من إبداء آرائهم السياسية تجاه بعض القضايا المهمة, وأن الملتقى سيقود إلى حوار شبابي يساهم في تشكيل رأي عام يستند إلى الوعي والمعرفة في تعاطيه مع القضايا المحلية منها والإقليمية.