وثيقة حماس ....ما بين الزمن الصعب ...والمكان الضيق !!
وثيقة حماس ....ما بين الزمن الصعب ...والمكان الضيق !!
يبدو أن المتغيرات الاقليمية والدولية وما حدث ما بعد الربيع العربي قد أحدث بعدا اضافيا ملموسا لمجمل الأوضاع ....وما يمكن أن يشكله من قوة اضافية انعكست بالسلب والايجاب على الإرادة السياسية لحركة حماس ......بإخراج وثيقتها بتوقيت يخلق من التباعد والمساحات ما بين الزمن الصعب ....والمكان الضيق الذي يتاح لها التحرك فيه .
لا يجدي الحديث عن كل كلمة أو مبدأ جاء في وثيقة حماس .....وقد كتب الكثير حول تلك الوثيقة وهناك من شكر واعتبرها انجازا ....وهناك من تحفظ على بعض بنودها وبعض احرفها ومعانيها .....مما أنقص من قيمتها وجعل منها وثيقة وكأنها لم تكن ....فالحكم عليها وعلى نتائجها وما يمكن أن تحدثه من متغيرات حقيقية في العلاقات الوطنية والاقليمية مدي القدرة التي تمتلكها قيادة الحركة في احداث التغييرات بما يوائم الحالة الفلسطينية وعلاقتها العربية والدولية .
فالقبول بدولة فلسطينية بحدود 67 على سبيل المثال وليس الحصر دون أن يؤدي الي الاعتراف بدولة الكيان وكأن حماس تحاول أن تمسك بعصي الصراع من وسطه وليس طرفه في ظل معادلات سياسية أصابها الخلل والاضطراب ...ومصالح دولية واقليمية تفوق قدرة حماس على احداث التغيير المطلوب الذي يمكن أن يرضيها من خلال وثيقتها الجديدة .
فإسرائيل ما زالت تتعنت حول مفهوم الدولتين وبالتالي ربما يأتي في هذا البند ما يضيق على اسرائيل ذرائعها بصورة نسبية وليس كلية والتي تحاول تسويقها وتبريرها برفض مشروع حل الدولتين أو على الأقل الرضي بحل الدولتين ليس على أساس خطوط الخامس من حزيران 67 ولكن بحسب مفهوم دولة الاحتلال والقائمة على ترتيبات أمنية وكتل استيطانية وتبادل أراضي وغيرها من المسميات والمواقف الاسرائيلية حول الحدود الامنة ونهر الأردن .
لا يمكن الاعتماد على هذا البند في وثيقة حماس لإحداث اختراق في موقف الكيان أو مواقف الدول المعروفة ضمن المجتمع الدولي في ظل ما نشهده من مواقف وسياسات اسرائيلية لا زالت تتمسك بالحدود الامنة من وجهة نظرها ....ومدي تمسكها بالقدس الموحدة عاصمة أبدية وما يتم رفضه من عودة اللاجئين .
من هنا فالبعد في وثيقة حماس لن يحدث التغيير المطلوب ولو بالحد الأدنى ....لكنه يمكن أن يقرب من وحدة الحالة السياسية الفلسطينية اذا ما تم الاحتكام الي المصالح العليا لشعبنا والي ضرورة وحدة الصف لانقاذ ما يمكن انقاذه..... دون الانتظار من الخارج أن يلعب دورا ايجابيا يمكن أن يستفيد منه أي طرف من أطراف المعادلة الفلسطينية .
البند الأخر الذي جاء عليه بوثيقة حماس ....والذي يعتبر منظمة التحرير اطارا يمكن تطويره ....فقد كان البند مقصرا بمحتواه ومعانيه السياسية وغير كامل مع مجمل الحقائق السياسية المترتبة على أرض الواقع .
منظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني بموافقة واجماع فلسطيني عربي ودولي ....وبالتالي فان التقصير أو القصور في استكمال المبدأ داخل الوثيقة لا يشكل انقاصا عمليا لمنظمة التحرير .....بل سيعيد الكورة مرة أخري لحركة حماس لإعادة النظر وضرورة التقييم وتعديل بعض بنود وثيقتها حتي تتمكن من استكمال عضويتها وشراكتها بمنظمة التحرير الفلسطينية ....من خلال خطوات المصالحة والانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني .
والدليل على أن منظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيدا لشعبنا بكافة أماكن تواجده .....أنها الجهة الشرعية والرسمية التي تتواجد على خارطة السياسة الدولية والاقليمية ....كما أنها الجهة الشرعية التي وقعت اتفاقية أوسلو والجهة الشرعية والقانونية التي تمثل الشعب الفلسطيني بعضوية الجامعة العربية وكافة المنظمات والمؤسسات الاسلامية والافريقية والأسيوية ....كما أنها الممثل الوحيد بمؤسسات الأمم المتحدة والتي من خلالها تم استصدار كافة القرارات الدولية.
بالتالي فان حركة حماس كان لابد لها أن تشارك وأن تعلن عن وحدانية تمثيل منظمة التحرير والنضال من داخلها لاحداث التغيير والتطوير الذي تحتاجه والذي لا نختلف عليه .
لقد اجتهدت حركة حماس بإعداد وثيقتها ....وبالاجتهاد شكرا لها ...بل ثناء وتقدير على جهودها وارادتها في احداث التغيير ....برغم كل النقد الذي يوجه لوثيقتها ....الا أننا نحرص على جانب الثناء والتقدير وندفع بأن يكون سياسة معتمدة لدي الأخوة بحركة حماس باعتبارها جزء اصيل من شعبنا ونضاله التحرري والتي نحرص عليها ....حرصنا على أنفسنا وقضية شعبنا .
لا يمكن لنا أن نقبل بخسارة أحد ....كما لا يمكن لنا أن نقبل بأن يستأثر أحد بنا ....فالجميع كلا بنصيبه في الخسارة والأرباح .
بكل الأحوال فان ميثاق حماس خطوة للأمام حتي وان كانت غير مكتملة الأركان لكنها تحتاج الي خطوات وتعديلات والتي يمكن ان تشكل وثيقة قادرة كجزء مكمل للبرنامج الوطني لكافة فصائلنا السياسية .....جزءا متناغما ....متناسقا ....وموحدا .
لقد امتلكت حركة حماس قدرا من الشجاعة والارادة للخروج بوثيقتها حتي وان تحفظ البعض على بعض بنودها لكنها وقد جاءت بوثيقة جديدة بعد ميثاق قديم كان له ظروفه وأبعاد وجوده .....كما كان له تكلفته ....الا أن تكلفة التأثير والوقت الضائع في ظل الزمن المقيد والمكبل لا يسمح بإضاعة المزيد من الوقت .
في كل الأحوال ومهما تعددت الاحتمالات والنتائج فان امتلاك حماس بكامل الشجاعة المطلوبة سيولد بنتائجه وردود أفعاله أفكار جديدة ورؤي مختلفة ....ومراجعات عديدة ستزيد من قوة البرنامج السياسي لهذا الفصيل او ذاك .
أي خطو فصائلية لاحداث تغييرات في برامجها يجب تشجيعها وعدم وضع الدواليب أمامها في اطار العمل الموحد ومن خلال المؤسسات الشرعية...وليس محاولة تسويق المتغيرات بصورة فردية ....والتي لن تحقق النتائج والعائد المطلوب .
فالمتغير في وثيقة حماس لم يكن مطلوبا وملحا الا في بعض جوانبه .....وبالتالي فالعائد الايجابي ربما يكون داخليا والي حد ما في بعض الاقليم ....لأن موقف العالم يختزل في جوانب ذات علاقة بعلاقة حركة حماس بالتنظيم الدولي للإخوان وموقف الحركة قانونيا داخل العديد من الدول ....لكن بعد حماس عن التنظيم الدولي للإخوان سيؤلد حالة جديدة تستحق اعادة النظر لإقامة علاقات جديدة معها .
على حركة حماس أن تسير على قدميها ....رافعة رأسها ...وعازمة على طريقها حتي وان تم انتقادها يجب أن تعيد النظر في أسلوب علاقاتها وتعاملاتها وكيفية صناعة قراراها ....وأن تعيد صياغة نفسها ضمن الاطار المجمع عليها فلسطينيا والمتمثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية ومن خلال السلطة الوطنية ومؤسساتها ...وأن يكون التحاور بالكلمة والموقف الصائب ....وأن لا يتخذ من القرارات والمواقف ما يعكر الأجواء ويأخذنا الي طريق مسدود .
ان حركة حماس قوتها بوحدتها مع شعبها وفصائله وفي الاطار الوطني وداخل المؤسسات الشرعية .
والا فان استمرار الاعتماد على القوة الذاتية دون القوة الجماعية ...كما الاعتماد على المتغيرات الدولية دون الاعتماد على الظروف الذاتية سيؤلد خسارة متتالية لا نريدها ....ولا نتمناها .....ولا يصلح على الاطلاق أن يكون تفكيرنا بهذا الاتجاه .
الكاتب : وفيق زنداح