الزرقاء: مستفيدون من "سكن كريم" بمنطقة جبل طارق يطالبون باستعادة أثمان شققهم بسبب عيوبها

 

اخبار البلد-  - حسان التميمي-الزرقاء- يسود شعور بخيبة الأمل لدى الكثير من مستفيدي "سكن كريم" بمنطقة جبل طارق في الزرقاء نتيجة العيوب الفنية والنواقص الهندسية التي ظهرت في تلك الشقق والاختلاف في مواصفاتها من حيث المساحة والتشطيبات.
وبين مطالب باستعادة الأموال التي دفعوها ثمنا لتلك الشقق، ومطالب أخرى بتسوية العيوب واستكمال النواقص، تختلف آمال المستفيدين في ما بينهم، إلا أنهم بعد اختلافهم لا يجدون من المسؤولين أي تجاوب سوى وعود متكررة "بإمكانية حل أي مشكلة تظهر خلال عام من حصول المستفيد على شقته".
ويقول المستفيدون، الذين طالما حلموا بتملك شقة سكنية للتخلص من البيوت المستأجرة، إنه لم تكد تمضي 6 أشهر على تسلمهم لشققهم حتى ظهرت العيوب الفنية والنواقص الفنية التي فاقمتها رداءة في التشطيبات.
المستفيد جميل شلباية، يوضح أنه "تقدم بطلب الحصول على شقة ضمن مبادرة "سكن كريم لعيش كريم" هربا من مشاكل بيوت الإيجار، بيد أن كثرة العيوب في شقته الجديدة أيقظت لديه الحنين بالعودة إلى بيوت الايجار.
ويقول إنه حصل في شهر أيلول (أغسطس) الماضي على شقته التي تبلغ مساحتها وفقا للعقد المبرم بينه وبين مؤسسة التطوير الحضري  88 مترا وبمبلغ 37 ألف دينار متضمنا فوائد البنك، ليكتشف عقبها أن المساحة الحقيقية للشقة لا تتجاوز 67 مترا.
وأضاف، أن دهان الشقة كان من الرداءة بحيث انه تساقط بعد أسبوعين من انتقاله للسكن فيها، فقام بطلائها بمبلغ 200 دينار، بيد أن رطوبة مجهولة المصدر أفسدت الدهان مرة أخرى وتساقط مجددا، حيث قام بالاتصال مع مندوبي مؤسسة التطوير الحضري والمقاول المشرف على الشقة ليكتشفوا بعد ثلاث معاينات أن الحمام والمطبخ غير موصولين بشبكة الصرف الصحي لتبدأ ورشة جديدة في شقة شلباية لإصلاح الوضع مؤقتا.
وتابع جميل، أنه ظهرت لديه مشكلة أخرى وهي نفاد مياه الخزانات لدى تعبئتها ليكشف وجود تسريب للمياه داخل الحمام، لافتا إلى فشل مندوبي التطوير الحضري والمقاول في اكتشاف موقع التسريب رغم معاينتهم للحمام 12 مرة.
لم تكد تختفي مشاكل تسريب المياه مؤقتا حتى ظهرت مشكلة أخرى في شقة شلباية، وهي رداءة التمديدات الكهربائية ويقول إنه تكبد حتى الآن ثمن مايكرويف وتلفاز و3 أجهزة استقبال فضائي (رسيفر) أتلفت بسبب زيادة في التيار الكهربائي وفقا لما أخبره فني كهرباء.
ورغم أن شلباية يقر باستجابة مؤسسة التطوير الحضري والمقاول لشكاوى وإرسال فريق صيانة، بيد أنه عازف عن الاتصال بهما مهما كانت طبيعة المشكلة بعدما اكتشف أن هذه الفرق غير مؤهلة بما يكفي للتعامل مع العيوب والأعطال الناشئة.
كذلك أكد المستفيد محمد حمدان، الذي حصل على شقة مجاورة لشقة شلباية، بمبلغ 37 ألف دينار وجود تسريب للمياه هو الآخر في شقته، موضحا أن 5 معاينات لفريق الصيانة لم تفلح بالقضاء على التسرب.
ولفت حمدان، إلى رداءة أعمال التشطيبات كافة من بلاط السيراميك، إذ أن السيراميك المستخدم في المطبخ والأرضيات من نوعية سيئة ويعاني من ميلان شديد، كذلك الأبواب والدهان الذي كان عبارة عن مادة الشيد بدلا من طلاء الأملشن، "وألمنيوم الشبابيك كان مطليا باللون الأبيض وليس أبيض على عكس ما أخبرتنا المؤسسة بأن نوافذ الشقة ستكون من الزجاج العازل للحرارة والصوت ولا ينكسر بسهولة (دبل جلاس)، بل كان الزجاج عاديا".
وأضاف حمدان، أن شبكة الصرف الصحي (المجاري) كانت مغلقة قبل تسلمه الشقة بأكوام من مخلفات البناء، بيد أنه اكتشف ذلك عقب تسرب المياه العادمة إلى داخل الشقة.
ويعتبر حمدان، نفسه محظوظا إذ نجا وأسرته من كارثة محققة كانت ستحدث بسبب القواطع الكهربائية ذات النوعية الرديئة والتي تفجرت واحترقت بعد أقل من ستة أشهر على تسلم الشقة. وطالب باستعادة ثمن الشقة، أو إيجاد حل جذري لمشكلة العيوب الفنية والنواقص الهندسية.
كما شكا المستفيد من شقة على الطابق الرابع بمبلغ 34 الف دينار محمد الشمالي، من رطوبة يجهل مصدرها وتشققات في الجدران، حيث قام فريق الصيانة بفك طقم الحمام وإعادة تركيبه من دون جدوى، شاكيا من رداءة التشطيبات ولا سيما استخدام مادة الشيد في الطلاء بدلا من طلاء الأملشن، وعدم تسوية الشبابيك والأبواب بشكل جيد بحيث أن معظمها تعاني من الميلان "مسوكجة"، مطالبا بزيادة مدة كفالة الصيانة على الشقق لأكثر من عام وكفالة منفصلة على العمارة بشكل عام.
وشكا المستفيد مراد أبودية، من رطوبة عالية تسببت بإفساد طلاء المنزل، فضلا عن اكتشافه في وقت لاحق أن أحدى مصارف المياه في حمام الشقة غير موصولة بالتصريف بحيث تطرح المياه تحت الحمام.
ويشتكي أبو دية من "ارتفاع قيمة الفوائد البنكية على الشقق السكنية ضمن المشروع"، مؤكدا أن "تلك الفوائد تتعدى 13 ألف دينار من ثمن الشقة البالغ نحو 24 ألف دينار".
وطالب "بخفض هامش الربح على المشروع لتلبية حاجة المواطنين العقارية ومعالجة العيوب والنواقص الفنية والهندسية".
أحد المواطنين وهو رامي قاسم قال إن "مستوى التنفيذ الهندسي متدنٍ جدا من حيث البناء وأعمال التشطيبات، إضافة إلى ضيق مساحتها"، مشيرا إلى أن "ذلك دفعه إلى الاستنكاف عن الشقة والبحث عن بديل آخر"، لافتا إلى "ارتفاع أسعار الشقق ضمن المشروع إلى حد يساوي الشقق المعروضة للبيع في شركات الإسكان الخاصة".
وفي المقابل، أقرت المؤسسة العامة للإسكان والتطوير الحضري بوجود شكوى وملاحظات عديدة حول شقق المشروع، وأن معظم هذه الشكاوى تتعلق بموضوع الرطوبة.
وقال مصدر في المؤسسة، إنها لا تهمل أي شكوى؛ حيث عملت على فتح مكاتب لها ضمن مناطق المشروع لتلقي شكاوى المستفيدين والعمل على حلها بشكل فوري من خلال التنسيق والتعاون مع المستثمر المنفذ لشقق المشروع، لافتا إلى أنه تم حل معظم الشكاوى التي وصلت إليها.
وأكد المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه أن "الشركات المنفذة للشقق ملزمة بأعمال الصيانة لعام، وهم ملتزمون بإجراء الصيانة بضمان المؤسسة، واصفا مستوى تنفيذ التشطيبات الصحية في شقق المشروع بـ"الجيدة".
بيد أنه أشار إلى أن مشكلة الرطوبة لها بعد فني آخر، إذ أن أثرها لا يزول مباشرة، طالبا المستفيدين بالصبر.
وحول القواطع الكهربائية المستخدمة في شقق المشروع قال إنها من نوعية جيدة ومطابقة للمواصفات الأردنية ومعتمدة من الجمعية العلمية الملكية.
وأوضح المصدر، أنه بفحص القواطع الكهربائية التالفة تبين أن السبب زيادة في الأحمال الكهربائية الناتجة عن استخدام من مصدر غير مشروع للكهرباء.
وكانت نقابة المهندسين اعتبرت قبل عامين أن "الجهات المشرفة على مشروع "سكن كريم لعيش كريم" خالفت قانون النقابة وقانون البناء الوطني ولم تعرض مخططاتها الهندسية للتدقيق في النقابة، ولم تحظ بمصادقتها".
إذ يشترط قانون البناء الوطني على المكاتب الهندسية المشرفة إصدار شهادة مطابقة مصادق عليها من قبل نقابة المهندسين يشهد فيها المكتب الهندسي أن أعمال الإنشاءات تم تنفيذها وفقاً للمخططات المجازة فيما يتعلق بترخيص منشأ أو مبنى معين، فيما لم تصدر هذه الشهادة بخصوص أي من مشاريع "سكن كريم لعيش كريم".
ودعت النقابة المكاتب الهندسية إلى "عدم الإشراف على مشاريع المبادرة تجنبا للمسؤولية القانونية في حال تعرض البناء لأي خلل، لا سيما وأن المخططات غير مدققة حسب الأصول الفنية المتبعة في النقابة للتأكد من مطابقتها لتعليمات البناء الوطني الأردني".
ولكن الأمور سويت بعد ذلك، باتفاق النقابة ومؤسسة التطوير الحضري والمكاتب الهندسية بتقديم المخططات الهندسية الخاصة بمشروع "سكن كريم لعيش كريم" الى النقابة للمصادقة عليها وفق التشريعات المعمول بها.
وقدمت المكاتب الهندسية، بحسب تصريحات صحافية سابقة لنقيب المهندسين المخططات الهندسية للنقابة التي قامت بتدقيق بعضها، وقدمت التسهيلات المناسبة للمصادقة على المخططات بأسرع وقت ممكن.
وكان رئيس الوزراء الدكتور معروف البخيت أحال أول من أمس ملف القضية المتعلقة بمشروع سكن كريم إلى مجلس النواب، عملا بأحكام المادتين 55 و56 من الدستور، المتعلقتين باتهام ومحاكمة الوزراء، وعملا بالمادة 6 من قانون هيئة مكافحة الفساد النافذ.
وكان البخيت تسلم تقريرا من هيئة مكافحة الفساد، يتضمن نتائج التحقيق الذي أجرته الهيئة في ملف مشروع "سكن كريم لعيش كريم".
وجاء مشروع "سكن كريم لعيش كريم"، تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية التي أطلقها جلالة الملك عبدالله الثاني نهاية شباط (فبراير) 2008 تحت شعار "سكن كريم لعيش كريم"، والهادف الى بناء 100 ألف وحدة سكنية في غضون 5 سنوات، يستفيد منها مئات الآلاف من المواطنين من ذوي الدخل المحدود والمتوسط وموظفي القطاع العام والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية والمتقاعدين العسكريين والمدنيين، بحيث من المتوقع أن تصل كلفته الإجمالية إلى نحو 7 بلايين دينار.