(سكن كريم) .. نهاية مأساوية...
لم يكن احد يتمنى هذه النهاية لمشروع سكن كريم لعيش كريم, الحلم الذي راود آلاف الاردنيين بامتلاك منزل العمر, انتهى الى ملف فساد. أحال رئيس الوزراء قضيته أمس الى مجلس النواب بعد تحقيقات في هيئة مكافحة الفساد استمرت أسابيع. تحويل الملف للنواب يعني ان التحقيق سيطال وزراء سابقين كما هو الحال في ملف "الكازينو" الذي احيل الى المجلس بعد تجاذبات مع " مكافحة الفساد حول صلاحيات الجهة المخولة بالتحقيق.
النهاية المأساوية "لسكن كريم" ليست قدرا محتوما, كان بالامكان انقاذ المشروع من الفشل في وقت مبكر, لكن مكابرة بعض المسؤولين واصرارهم على تبني خطة اسكانية غير قابلة للتطبيق وتفوق قدرة الدولة المالية واللوجستية هو الذي دفع بالمشروع الى الفشل.
منذ طرح المشروع عام 2006 حذر خبراء ومختصون من تبنيه رسميا, وقالوا في حينه انه مشروع خيالي غير قابل للتطبيق. وقد تشكل لدينا كمراقبين غير مختصين شعور مماثل بعد ان استمعنا الى خطط الحكومة لتنفيذه في ذلك الوقت, لقد كانت بالفعل أفكارا سوريالية تثير السخرية بقدر ما فيها من خيال جانح.
الحكومات التي توارثت الملف كانت تدرك انها تتعامل مع ازمة محرجة, وحاولت الحكومة السابقة انقاذ المبادرة من خلال اجراء سلسلة من التعديلات عليها, شملت اسلوب التمويل, واستبدال بناء الشقق بتوزيع الاراضي, لكن ورغم ما تحقق من نجاح, الا ان المشروع ظل متعثرا.
الحكومة الحالية نأت بنفسها عن المشروع وتجنبت الحديث عن انجازات, كما كان الحال في زمن الحكومة السابقة, واستجابت الى المطالب العريضة بتحويل الملف الى مكافحة الفساد بعد معلومات موثقة تداولتها اوساط سياسية ورسمية تشير الى وجود شبهة فساد في عطاءات بناء نحو ثمانية الاف شقة جرى بناؤها بتكلفة تجاوزت 400 مليون دينار. ولم يقف الامر عند حدود التكلفة, فقد تبين لاحقا ان مواصفات الشقق لا تناسب العائلات, وتعاني من مشكلات عويصة في التشطيب ونقص في الخدمات, ومن يزور تلك الاسكانات يشعر وكأنه في احياء مهجورة لم تصمد فيها سوى اعداد قليلة من العائلات.
لا نريد ان نستبق نتائج التحقيق النيابي, ولا نتعدى على صلاحيات مجلس النواب, لكن المشكلة ليست في الاموال المهدورة على مشروع فاشل, ولا في الغموض الذي يلف طريقة احالة العطاءات على متنفذين فحسب وانما في العقلية التي كانت تقف وراء هكذا مشاريع تسبح في الخيال, المشكلة ان هذه العقلية تحولت الى نهج فَرّخ مشاريع مماثلة ليس في التنمية ولاقتصاد فقط, وإنما في السياسة ايضا - ما زلنا- نعاني من اثاره لغاية يومنا هذا, و"سكن كريم" ليس آخر افلامهم.
النهاية المأساوية "لسكن كريم" ليست قدرا محتوما, كان بالامكان انقاذ المشروع من الفشل في وقت مبكر, لكن مكابرة بعض المسؤولين واصرارهم على تبني خطة اسكانية غير قابلة للتطبيق وتفوق قدرة الدولة المالية واللوجستية هو الذي دفع بالمشروع الى الفشل.
منذ طرح المشروع عام 2006 حذر خبراء ومختصون من تبنيه رسميا, وقالوا في حينه انه مشروع خيالي غير قابل للتطبيق. وقد تشكل لدينا كمراقبين غير مختصين شعور مماثل بعد ان استمعنا الى خطط الحكومة لتنفيذه في ذلك الوقت, لقد كانت بالفعل أفكارا سوريالية تثير السخرية بقدر ما فيها من خيال جانح.
الحكومات التي توارثت الملف كانت تدرك انها تتعامل مع ازمة محرجة, وحاولت الحكومة السابقة انقاذ المبادرة من خلال اجراء سلسلة من التعديلات عليها, شملت اسلوب التمويل, واستبدال بناء الشقق بتوزيع الاراضي, لكن ورغم ما تحقق من نجاح, الا ان المشروع ظل متعثرا.
الحكومة الحالية نأت بنفسها عن المشروع وتجنبت الحديث عن انجازات, كما كان الحال في زمن الحكومة السابقة, واستجابت الى المطالب العريضة بتحويل الملف الى مكافحة الفساد بعد معلومات موثقة تداولتها اوساط سياسية ورسمية تشير الى وجود شبهة فساد في عطاءات بناء نحو ثمانية الاف شقة جرى بناؤها بتكلفة تجاوزت 400 مليون دينار. ولم يقف الامر عند حدود التكلفة, فقد تبين لاحقا ان مواصفات الشقق لا تناسب العائلات, وتعاني من مشكلات عويصة في التشطيب ونقص في الخدمات, ومن يزور تلك الاسكانات يشعر وكأنه في احياء مهجورة لم تصمد فيها سوى اعداد قليلة من العائلات.
لا نريد ان نستبق نتائج التحقيق النيابي, ولا نتعدى على صلاحيات مجلس النواب, لكن المشكلة ليست في الاموال المهدورة على مشروع فاشل, ولا في الغموض الذي يلف طريقة احالة العطاءات على متنفذين فحسب وانما في العقلية التي كانت تقف وراء هكذا مشاريع تسبح في الخيال, المشكلة ان هذه العقلية تحولت الى نهج فَرّخ مشاريع مماثلة ليس في التنمية ولاقتصاد فقط, وإنما في السياسة ايضا - ما زلنا- نعاني من اثاره لغاية يومنا هذا, و"سكن كريم" ليس آخر افلامهم.