رياح الشرق تحمل الغبار دائما


الحزن حالة رائجة لكن لا يمكن الشراء بها سوى المزيد منه رغم ألمه الذي هو أغلى من أي نقد، والوجع يستمر والأسى ما زال يبعث الاسى ولا مناص ولا خلاص، وهذا الحال لا يريد ان ينتهي. وامس أزهرت وردة ربيعية بموعدها خلابة تسحر لب الناظرين، وامس ايضا تفتح اللوز ونثر الدنيا بياضا لكن الامر كله ينطوي الان على انتظار لثمرات عمر وقد طال الانتظار والتعب لم ينل بعد من الوعد.
وتمر الايام تباعا والحياة لا تنتهي ولا تقف الدنيا عند ألم، ومهما كبرت الشدائد تبقى صغيرة امام اصرار طفل او مجرد ارادة للانتصار، والخوف يريد ان يكون سيدا ولم يستطع ابدا، والمرض مهما عظم ينهزم من مجرد ابتسامة تقهره في الصميم، وما أفادت يوما لومة لائم ولا نفع الندم ابدا، والخسارة تمر والربح ايضا وبينهما الاقوى يستمر قدما، والحياة تفتح اذرعها وصدرها للجميع، ولم تبخل يوما بمد رقاع الحزن ولا بنشر السعادة واكرام الفرح.
يحدث هنا دائما، القلق بلا هوادة والفقر لا يكل من طرق كل الابواب، والمرض بلا مواعيد والخوف من كل الاشياء، والثقة ليست ذا بال والشك يلف الالباب، والصغير مثل الكبير والغرانيق العلى كذبة الشيطان والذكر والانثى بقسمة ضيزى. ولو ان ماض الزمان نفسه اليوم لما احتاج الخيام للقول دع عنك ولا تشغل البال.
اليوم ليس الحال مقالا ولا خواطر او هواجس بقدر ما هو كله مزيد من اكتشاف للاوهام، وقد تحدث امس خيري منصور عن سن الرشد في ارذل العمر، ولم يعد معلوما من الشهيد ومن الشريد ولا إن كان قطار العمر يمضي باتجاهين معا، وفي المجمل يمكن القول ان الجميع على صواب هو نفسه الخطأ تماما.