تجاوزات وزير

 التحقيق مع وزير هو فعلاً سابقة في السعودية، بعد صدور أمر ملكي بإعفاء وزير الخدمة المدنية خالد العرج وإحالته إلى التحقيق «لارتكابه تجاوزات، بما في ذلك استغلاله النفوذ والسلطة»، وجاء الأمر الملكي بعد الاطلاع على ما رفعه رئيسا هيئة مكافحة الفساد وهيئة الرقابة والتحقيق، ونظام محاكمة الوزراء الصادر بتاريخ 1380 للهجرة، لكن لا يذكر أنه تمت إحالة وزير إلى التحقيق علناً على الأقل.

 

 

أبرز تجاوزات وزير الخدمة المدنية توظيف ابنه براتب لا يتناسب مع مؤهلاته، وقد حققت هيئة مكافحة الفساد في ذلك بعد الكشف عنه في وسائل التواصل، ثم هدأت القضية حتى اعتقد أنها طويت في ملف النسيان، ولم ينشر عن تجاوزات أخرى، لكن صيغة الأمر الملكي تشير إلى تجاوزات بالجمع، فهل يعني هذا أن توظيف الأقارب - وهو سلوك متفشٍّ في الدوائر الحكومية - أصبح في مرمى المساءلة العلنية؟ لا يمكن تأكيد هذا أو نفيه إلا بعد ظهور حالات مشابهة.

 

 

مما دار ويدور في الكواليس أن وزير الخدمة المدنية أصرَّ على عمل نظام إلكتروني على رغم نصائح مسؤولين حكوميين من جهات أخرى بعدم الحاجة له، لتوفّر بديل أفضل تعمل به جهات حكومية، إلا أنه قطع شوطاً في هذا النظام ثم تراجع عنه بعد فترة، ولا أظن أن هذا من التجاوزات، فقد عهدنا أمثلة من «عناد» الوزراء في ما بينهم، وأحياناً على حساب المصلحة العامة. ومما يدور أنه تم توظيف مديري موارد بشرية في أجهزة حكومية قاموا باستقطاب موظفين برواتب عالية، ومعروف أن الوزير السابق يملك مكتباً تجارياً قبل «التوزير» لاستقطاب الموارد البشرية. كل هذا مما يدور ولم يوثَّق، وننتظر أن يستكمل أمر التحقيق بنشر نتائجه بكل شفافية.

 

 

إلا أن هذه السابقة أي «إحالة الوزير السابق» إلى التحقيق وباستناد إلى تقارير من «نزاهة» وهيئة الرقابة والتحقيق، مؤشر لافت يمكن احتسابه كخطوة في مكافحة الفساد واستغلال النفوذ في الوظيفة الحكومية، وربما «تعارض المصالح» على مستوى الوزراء، إذ مكثت «نزاهة» منذ تأسيسها في مربعها الأول بعد زخم البداية، ولعل في هذه الخطوة دروساً لبقية المسؤولين سواء في استغلال النفوذ أم في تحسين الظهور الإعلامي، الذي كان لـ«ساعته» الإنتاجية دور كبير في التسخين ونبش الأوراق.

 

 

والتحقيق أيضاً كنتيجة يؤكد دور وسائل التواصل، إذ كان لها الدور في وضع هذه القضية حية على البث المباشر فترة طويلة، والله المستعان، فهذا الكرسي دوار يصيب بالدوار.