صـــالون ( شو شو) للســـــيدات
أنهيت خدمتي العسكرية منذ مدة طويلة وأنهيت دراستي بتفوق وحصلت على وظيفة ( حكومــــــية) وكان هذا بالنسبة لي حلم ونسج من الخيال وكان حلمي أن أصبح سفيراً أو أمين عام وزارة وكانت السنوات الأولى بعملي لا تؤشر بالخير القادم من شدة المحسوبيات والسفرات والرديات ،،،فاحدودب ظهري وانفقعت عيوني من نظارة خمالتها كعب الفنجان وأصبحت كهلاً مهترئاٍ
وفي إحدى الليالي كنت أمشي متسكعاً بإحدى الشوارع الراقية من شدة فرحي بوظيفتي الحكومية،،، من قلة ديوني ما أن شاهدت صديق السلاح القديم من بعيد بدأت أخفي ملامحي خجلاً منه من عفني ورائحتي النتنة فكان اسمه أيام الخدمة العسكرية (شاهر) ليقسم بأن نحتسي القهوة بمحله بدون قبلات ولا مجاملات مقشعراً بدنه من السلام علي وكأني مرض خبيث وكان يدير صالونه بنفسه وعنده من الموظفات الحسان الكثير فكانوا يطلقون عليه اسم ( شو شو ) صاحب إسوارة ذهب وعقد لامع يرتدي من الثياب أجملها يكاد يكون أجمل من السيدات أنفسهم ويحمل من الموبايلات ثلاثة أنواع يكاد يكون ثمنها أغلى من عفش منزلي المتهالك.
وحضرت القهوة على فنجان ذهبي خفت عليه الكسر السريع من خشونة يدي وبكل مرة أقول له فيها كيف الحال والأحوال تأتيه مكالمة من إحدى هواتفه النقالة ليفجر ويشعل لهيب حقدي الطبقي وأحمد الله بأنه لم يسألني عن جوالي (أبو مصباح) الأثري
جاءته الآن مكالمة من سيدة لها شأن كبير لا أعلم ولكني هكذا أحسست من هذه المكالمة التي أكثر فيها السيد ( شو شو ) من مجاملاته وريائه بأن التكلفة ستكون فقط ثلاثمائة دينار وأقل من هذا سيدفع من جيبه مع حركات اليد المتراخية والصوت الناعم وكان يداعب ( العلكة ) بفمه وكان نفسي ألطشه هذاك الكف اللي يدوره دور،،،
وانتهى من مكالمته وتبادلنا أطراف الحديث من جديد وسألني ،،،،كيفك يا مان شو أخبارك حبيب البي كيف الأمامير والمدام وشو أسماء أولادك فقلت له عندي بنت اسمها (سلفه) وولد اسميته (راتب) الله يخليلك أولادك.
بهذه اللحظة الهستيرية أمسكت أعصابي إلى حد (جعلكتها) وبدأت أسناني تصكصك من شدة غضبي وكنت خايف على (الضبة) بصراحة وبدأ بغاية الذوق من جديد ليعيد السؤال وين بتشتغل أبو الزوز وشو نوع سيارتك هذه الأيام،،،الخ الخ،،،
وبدأت عيوني الجاحظة غاضبة تكاد تخرج من مكانها ليستشيط غيظي من سوء حالتي وضعفي لأصرخ بوجهه وأقول ولك يا بني آدم ثلاثمائة دينار يلي ما بتخاف ربك بساعة واحدة أي أنا راتبي بالشهر كله 390 دينار وموظف حكومة واضرب واطرح ومصنف ودرجة ثانية وقربت على التقاعد المبكر مع كل العلاوات وأنت بالساعة الواحدة تأخذ هذا المبلغ وأنت لا تعرف حتى اسم أي شهادة تذكر وكنت معي بالخدمة العسكرية مكلف شحاذ زيي زيك وريحتك طالعة وأنا قضيت عمري على كرسي أحدث لي ثلاثة (بوا صير) والتسول عن بعد.
وظهري تآكل من شدة الأمراض وملابسي هي نفسها من عشرة أعوام أكاد أن أكون كالمتسول أمام قميصك المزركش وبنطال الجينز خاصتك الذي ثمنه على ما أعتقد راتب شهرين وأنت تزين صالونك بشهادات خبرة بــ اللحمسة على بعض الفتيات والقبلات والمجاملات، وقميصك المفتوحة أزراره يستفز ويثقب غشاء بكارة رجولتي ويشعل صهيل عنفواني يا لهذا (البودي كير) و( المونيكير) والماكياج والصبغة الساحرة لتشتري مركبتك الفارهة التي ثمنها فقط بعشرة منازل بحينا الفقير وأنا أقول وين بتروح مصاري الرجال الكادحين،،، اللي بدها تخلص من نسائها وتبعدهم عن نزواتهم اليومية.
فكان شعاره،،،العجوز الشمطاء بجلسة واحدة مع تركيب شعر مستعار وصبغة شقراء بتصير أجمل النساء.
شو شو،،،، لست وحدك فمثلك الكثير ترسم بقلمك على أظافر النساء شقاء الفقراء وتهزأ برجل مثلي ،،،قضيت أعوامي الإحدى والعشرون أتجنب دخول السوق مع أبنائي خوفاً،،، وثيابهم السنوية على العيد زكاة من أهل الخير ومدارسهم حدث ولا حرج واللحمة تدخل بيوتنا من أضحية أو زفاف لأحد ما وأنت تأكل ساندويشة ( هوت دوج) و ( الفرنش فرايز) بالمبلغ الفلاني وتشرب الكولا وتضرب أقداح النبيذ على نخب الفقراء الذين أفنوا أعمارهم بالكتب والدراسة،،، تبت جميع الكتب والعلم،،، أهل المعرفة بيوتهم أصبحت كفن وحياتهم مثل القبر المظلم.
لست حاقداً عليك أستاذ ( شو شو ) ولكني أشعر بأن الجلطة القادمة ستكون أنت سببها.
ما زال ( شـــو شـــو ) يزيل تجاعيد الكهولة عند النساء ،،،وينفض غبار الشعر الأبيض ليستبدله بالأشقر.
كوافير السيدات العالمي.
هاشم برجاق
الموقع الرسمي للكاتب