(طوابير) للحصول على البطاقة الذكية..!
أخبار البلد - كتب حسين الرواشدة
من اجل
ان تحصل على بطاقة الاحوال المدنية لابد ان تقف في طابور لساعات طويلة , يراودك
بالحاح سؤال واحد فقط : هل "قدر” المواطن
الاردني دائما ان يتحمل اخطاء المسؤولين وان يدفع تارة من جيبه وقوت اولاده , وتارة
من راحة باله وهدوء اعصابه ، ثمنا لاجراءات غير مدروسة او سياسات مستعجلة ومسلوقة .؟
لكي
تتضح الصورة اكثر , عدت الى الارشيف فوجدت تصريحا لمدير عام دائرة الاحوال المدنية
السابق(16/2/2017) ذكر فيه انه تم تشكيل لجنة فنية من وزارتي الداخلية والاتصالات
لتحديد الامور الفنية والامكانيات البشرية والخدمات اللازمة لاصدار البطاقة الذكية
, اضاف: ان تشكيل اللجنة جاء لتحديد الموعد بشكل مدروس ( لاحظ مدروس ) وفق
امكانيات الجهات المختصة , ثم توقع ان يتم مع نهاية العام الحالي استبدال بطاقات
الاحوال المدنية القديمة بالذكية .
وجدت ايضا تصريحا لوزير الداخلية بعد نحو شهر
بعد ذلك(14/3) , اعلن فيه ان ايقاف العمل ببطاقة الاحوال المدنية سيكون في منتصف
حزيران , ودعا المواطنين للحصول على البطاقات الجديدة ( في مدة ثلاثة اشهر فقط ) .
لا اعرف
, بالطبع , ما هي التوصيات التي رفعتها اللجنة التي شكلت , وفيما اذا كانت مهلة
الثلاثة شهور ضمن التوصيات , لكن المؤكد ان وزارة الداخلية التي تتبع لها دائرة
الاحوال المدنية تدرك تماما ان هذه المهلة غير كافية , وان امكانية صرف نحو ستة
ملايين هوية للاردنيين في ثلاثة اشهر تبدو مستحيلة .
السؤال
هنا , لماذا تم " حشر " المواطنين في طوابير طويلة تحت سطوة الوقت المحدد , ولماذا
" نضغط " على اعصاب الموظفين ونضع عليهم " احمالا” تفوق طاقاتهم ؟
ربما يجيبك البعض بان انجاز البطاقات يجب ان
يسبق الانتخابات اللامركزية لكي يتم الانتخاب من خلالها , ربما يعتقد اخرون ان
المدة كافية اذا ما اخذنا بعين الاعتبار ما قامت به دائرة الاحوال المدنية من
اجراءات للتسهيل على المواطنين من خلال تسيير " باص " او فتح مكاتب في المؤسسات
والجامعات ... الخ .
لا بأس ,
اذا كان الهدف هو استخدام البطاقات في الانتخابات المركزية التي ستجري في شهر اب
القادم من هذا العام , فارجو ان اعيد القارئ الكريم الى جلسة مجلس الوزراء السابق ,
( 17 /11/ 2015 ) - لاحظ قبل نحو عامين ونصف - حيث قرر المجلس الذي انعقد
برئاسة د. عبدالله النسور الموافقة على السير في اجراءات مشروع بطاقات الاحوال
المدنية الذكية , على ان يتم تنفيذ المشروع خلال عام 2016 , وعلى مراحل , الاولى
تسجيل معلومات المواطنين في دائرة الاحوال المدنية , والمرحلة الثانية اصدار
بطاقات , انذاك اكدت وزيرة الاتصالات ( مجد شويكة ) ان الحكومة ستعلن في الوقت
المناسب عن آلية تسجيل المواطنين واصدار (5) ملايين بطاقة في العام 2016 .
حين
ندقق فيما سبق , نجد ان فكرة اصدار البطاقة الذكية كانت قديمة , لكن تنفيذها تأخر
اكثر من عام , نجد ثانيا ان تطبيقها في بداية طرح المشروع كان يفترض ان يتم على
مرحلتين استبدال بمرحلة واحدة , نجد ثالثا ان تحديد ثلاثة اشهر لصرف نحو 6 ملايين
بطاقة بمعدل نحو 70 الف بطاقة يوميا لم تراع لا قصر هذه الفترة ولاتزامنها مع دخول
شهر رمضان ولا تفرضه على المواطنين والموظفين من ضغوط , ثم انها استبعدت المغتربين
الاردنيين في الخارج , هؤلاء الذين يزيدون عن مليون , وبعضهم يقضون اجازاتهم بالاردن
في الصيف , ثم نجد اخيرا ان السمعة التي اكتسبتها دائرة الاحوال المدنية حين كانت
رائدة في الخروج من البيروقراطية الادارية وسابقة في تسهيل الاجراءات على
المراجعين , تراجعت بسبب اقحامها في هذه المهمة الصعبة .
لا يخطر
في بالي ابدا ان اقلل من قيمة الخدمات
التي تقدمها الاحوال المدنية ولا من الجهود التي يبذلها مديرها الجديد فواز
الشهوان , فهما محل تقدير واحترام , لكن ما يهمني هنا مسألتان : الاولى هو اننا
بدأنا التفكير بالبطاقة الذكية منذ عام 2015, ولكننا لم ننجزها الا بعد عامين , وحتى
مع هذا التأخير , فاننا لم نحسن التخطيط لتنفيذها بالشكل المطلوب , لا ادري من
يتحمل مسؤولية هذه الاخطاء، لكن هذا
الواقع ينطبق على كثير من مشروعاتنا ومقرراتنا التي ينقصها التخطيط المدروس , والتنفيذ
الحصيف, اما المسألة الثانية فتتعلق بالعلاقة بين الدولة والمواطن خاصة في مجال
الخدمات الادارية , اذ لا يجوز ان نعاقب المواطن حين نفرض عليه قرارا بالحصول على
خدمة , بل من المفارقة اننا نعاقبه حين نطلب منه ان يذهب لاداء ما عليه من واجب , كأن
يدفع ضريبة او يحصل على هوية , وقد حان الوقت لكي نضع " الادارة " في خدمة المواطن ونحافظ على كرامته , فهي اهم من التمسك
بثلاثة اشهر لانجاز المهمة المطلوبة .