التهويل وتطوير"التوجيهي"


منذ سنوات والغالبية تتحدث عن ضرورة تطوير وتحديث امتحان الثانوية العامة (التوجيهي) ليصبح أكثر عدالة لقياس قدرات وامكانيات الطالب العملية والتعليمية، ولينهي مسلسل الرعب الذي يصيب الأهل والطالب من هذا الامتحان، وايضا لتطوير التعليم ومخرجاته وتوجيه الطالب نحو فروع التعليم المختلفة التي تتناسب مع إمكانياته.

وباستمرار، عندما تبدأ أولى الخطوات نحو تحقيق التطوير والتحديث لامتحان "التوجيهي"، تبدأ "جوقة" الرفض والتهويل بخطورة الخطوة وربطها بأجندات مشبوهة، إلى ذلك من سلسلة الاتهامات الجاهزة لمن يتجرأ ويعمل من أجل تطوير "التوجيهي"، وكذلك لمن يتجرأ ويسعى إلى تطوير وتحديث التعليم بمجمله.
وهذا الأمر يحصل الآن، فبعد أن أعلن وزير التربية والتعليم د. عمر الرزاز عن توجه الوزارة لتحديث امتحان "التوجيهي" وليس لإلغائه، وأشار إلى بعض ملامح خطة الوزارة في هذا الصعيد، منها إلغاء تقييم "ناجح وراسب" والتركيز على أوزان المواد بـ"التوجيهي"، وملاءمتها بالتحاق الطلبة بالجامعات لدراسة التخصصات المطلوبة، وإعطاء كل مادة وزنًا خاصًا بالعلامة في ذلك التخصص، بدأت حملة التهويل والإدانة والرفض من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها، من دون البحث عميقا في ما هو مطروح من قبل الوزير.
الغريب أن البعض جاهز، من دون تمحيص وتدقيق ومعرفة، لتوجيه الاتهامات، وإثارة الرأي العام، مع أن ما هو مطروح، ليس نهائيا، وهو مطروح للنقاش مع جميع الجهات المعنية للوصول إلى أفضل طريقة ومنهج لتحديث وتطوير الامتحان. أيضا ما هو مطروح لدينا اليوم معمول به في دول متقدمة، وساهم بتطوير قدرات وإمكانيات طلابها العلمية. إذن المطروح ليس مؤامرة، وإنما محاولة جادة للوصول إلى تحديث هذا الامتحان الذي يتسبب بمعاناة شديدة للأهل والأبناء، ويعيق الكثير من الطلبة من التقدم إلى الأمام.
للأسف، تعوّد البعض دائما التشكيك وقذف الاتهامات والإساءة، من دون أن يجهد نفسه بمناقشة الجوهر، وتقديم الاقتراحات والتوصيات المناسبة التي تسهم بالوصول إلى توافق وطني حول القضية المطروحة.
هذا الأسلوب لا يؤدي إلا إلى المزيد من البلبلة والإرباك وتضييع البوصلة والاتجاه الصحيح. يخشى البعض من التغيير، ولذلك، يشوهون كل جديد، ولن يقودنا الخوف من هؤلاء إلا إلى مزيد من الإحباط والتراجع والعيش بالأوهام، في حين تطور دول أخرى، لا تخشى التفكير والبحث والغوص عميقا بالعلم والتعليم، بشكل دائم ومستمر للوصول نحو الأفضل.