معروف البخيت: مكافح الفساد بلا إسناد!
تحتاج حكومة معروف البخيت الى الكثير من الوقت والتفهم والانصاف والتدقيق في ما تم انجازه و ما هو قيد الانجاز وما هو على الجدول الزمني للتنفيذ. ونرى الى الرجل، ومعه نفر محدود من الوزراء المجالدين، وهو يكابد في شجاعة وصبر وطول نفس نحسده عليها، في اكبر مخاضة عرفها بلدنا، ان على الصعيد المالي او الاقتصادي او السياسي او الجماهيري.
وتعمل الحكومة - او هي تجاهد من اجل ان تعمل - وهي مطوقة بكتائب من القوى النيوليبرالية واعداء الديمقراطية ومناوئي الاصلاح بكل مشتقاته والمستفيدين من تعطيل محركات التقدم نحو قانون انتخابات نيابية معاصر ديمقراطي ينهي الى الابد المخرجات التي شابتها عشرات الشوائب، وقانون احزاب جدي في توفيره البيئة المناسبة لحياة سياسية اردنية تعددية ذات بعد تمثيلي حقيقي، وقانون اجتماعات عامة يأخذ في الاعتبار رشد الشعب وحقه في التعبير الذي لن يكون الا سلميا، عن متطلباته السياسية والاقتصادية. ومطوقة ايضا بالمتربصين وبالحاسدين وبالمزاودين وبالمنظرين وبالشعبويين وبذوي الاجندات الخاصة وبالفاسدين و بالمصلحجية الذين خاب رجاؤهم وطال انتظارهم من اجل منفعة او مصلحة لم تتحقق.
وفي الوقت الاردني الجديد الراهن، الذي لا شعار يعلو فيه على شعار مكافحة الفساد، الذي يرفعه باخلاص،كل مواطن اردني، لا نجد مساندة بارزة او كافية، من القوى السياسية والحلقات الفنية المتوزعة على عشرات المئات، من منظمات المجتمع المدني، لرئيس وزراء من قاع المدينة ، عليه اجماع بأنه ليس فقط نزيها وشفافا وبعيدا عن طوابق الفساد، بل يعمل ونخبة صادقة من الوزراء، من اجل وقف تمدد الفساد وتفشيه، توطئة لوضع القوانين والانظمة والتعليمات التي تحد من خطره وضرره.
وتنكشف الحكومة في موقعين من مواقع اتصالها بالمجتمع هما: العمق الجماهيري والتمثيلي الضعيف الضحل، لعدد من الوزراء، الذي كان يجب ان يكون اكثر صلابة وتأثيرا وعمقا، وكذلك سلبية القوى السياسية الحزبية، بسبب عدم اشراكها في الحكومة ، كالاخوان المسلمين والتيارات الوسطية الوطنية ، ووقوفها متأهبة متحفزة، تنتظر ان تنجز الحكومة ملفا من الملفات الضخمة، لتأخذ في تشريحه وتضخيم ما فيه من نواقص وثغرات، تمليها في الغالب موازين القوى والتوليفات التي تضطر اليها الحكومة وتكره عليها، ولجنة الحوار الوطني مقطع عرضي ماثل ناطق شاهد عدل على ما نزعم.
لقد انجزت الحكومة انجازا وطنيا ضخما في مجال هيكلة الرواتب التي كانت مطلبا جماهيريا متفقا عليه ، وبدل ان تحظى الحكومة بالثناء والتقدير والمعاضدة ، تلقت اللطمات والضربات الموجعة التي توجع المخلصين الذين يجهدون من اجل اصلاح الاختلالات فاذا بهم ليس لا يحمدون و لا يشكرون فحسب، بل يتهمون ويعاقبون. وقد قامت بالتدارك المنصف نقابة المعلمين والاحزاب اليسارية الجديدة والتقليدية وبعض منظمات المجتمع المدني والكتاب والمواقع الكترونية، مما رد الروح للحكومة وثبتها على نهجها الاصلاحي الملموس.
لايعاني دولة معروف البخيت من قلة البخت، فقد حظي بالثقة الملكية الغالية، في الكثير من المواقع السامية البارزة، لكنني اعتقد ان الظروف الراهنة القاهرة، الاقليمية والوطنية والميراث الثقيل الوزن، والتفريغ التفجيري الديناميتي الذي احدثه الفاسدون في المقدرات الوطنية، هي التي تجعل الحكومة – اي حكومة اردنية – في تقاطع النيران الشديد المتواصل وبكل الاسلحة.
ونود ان نذكر بالقول العربي السديد: ونصف الناس اعداء لمن حكموا.