همسة وفاء للصديق العزيز فيصل بن صقر الغامدي
لقد عرفت المغفور له –إن شاء الله –فيصل بن صقر الغامدي أحد أبناء بلدة بني سالم في منطقة غامد منذ أكثر من أربعين عامًا عندما كان مديرًا لمدرسة بني سالم الابتدائية والمتوسطة، وقد أثبتت لي تلك المعرفة أن الرجال معادن، وأن المعدن الأصيل لا يصدأ ولا يتغير ولا يتبدل.
لقد عرفته شابًا طموحًا يتمتع بظل خفيف، وبسمة دائمة، جم التواضع، يتفانى في خدمة الآخرين، بدأ حياته العملية مبكرًا فقد كان معلمًا ومدير مدرسة ولم يتجاوز الخامسة عشرة من عمره، ولكنه كان مثالاً للقيادي الناجح والمربي المخلص الذي كان من الجيل الذي لم يعش مرحلة الطفولة كما كان يسميه معالي الدكتور سعيد المليص الذي كان أحد نماذج ذلك الجيل العصامي المكافح.
لقد أمضى أبو سعيد تلك الفترة من حياته في تربية أبناء بلدته تربية إسلامية تقوم على الرجولة والمروءة والالتزام الخلقي، حيث وضع بصماته في بناء شخصياتهم من خلال وضع بصماته في العديد من المشاركات الاجتماعية والمسابقات الرياضية التي كان يحرص على أن تكون دروسًا في الإبداع والتميز، وكان دائم التشجيع لهم على التحصيل العلمي، بل كان قد ضرب لهم بنفسه المثل الأسمى في الطموح وطلب العلم والإصرار على التميز والإبداع، وضرب لهم المثل الأسمى في حبه للسفر والرحلات التي كان يحرص فيها على تحقيق الفوائد العلمية والثقافية وكسب المعارف والمعلومات كرافد من روافد بناء الشخصية المتكاملة:
تغرب عن الأوطان في طلب العلا وسافر ففي الأسفار خمس فوائد:
تفرج هم، واكتساب معيشة، وعلــم وآداب، وصحــبة مــــاجــــد
وإن الكلمات لتعجز عن أن تفي أبا سعيد حقه وأن تصف معدنه فقد كان دمث الأخلاق، كريم الطباع، حسن المعشر، في داخله إنسان حنون متواضع، ذو قلب رحيم، وإن بدا شديد الاعتزاز بنفسه، قوي الشخصية.
عرفته عندما كان لا يعرف الكلل ولا الملل، وكان شمعة تضيء في وسط الظلام ليبعث الأمل، وقنديلاً لا يتوانى عن تجسيد تميز الإبداع والعمل الذي كان يؤمن به ويعمل من أجله، فقد كان خطيبًا مفوهًا، فصيح اللسان، له قدرة عجيبة على الإقناع والتأثير.
لقد كان نصير حق، كريم نفس، صديق وفاء، جميل خصال، عظيم نفس، سخيًّا كريمًا، مؤمنًا شديد الإيمان بالقضاء والقدر، صبورًا على المشاق، وقد كنت في أيامه الأخيرة كلما اتصلت به وسألته عن حاله والاطمئنان على صحته؛ وجدته صابرًا محتسبًا يتعايش مع مرضه بكل رضى واحتساب، وبلا تململ ولا اضطراب.
عانيت يا أبا سعيد من المرض فكنت صبورًا، مؤمنًا، متحملاً لمتاعبه، فلك الأجر إن شاء الله، وتغمدك الله بواسع رحمته، وأسكنك فسيح جناته، وإلى جنات الخلد يا أبا سعيد، فكم من أياد بيضاء لك على كثير من أصدقائك!!وكم من أعمال البر والخير قد قدمت!! جعل الله كل ذلك في ميزان حسناتك.
لقد فقدتك الشهامة والمروءة والفضيلة وحسن الخلق وحسن الجوار وطيب المعشر، تغمدك الله برحمته، وأسكنك فسيح جناته، فما أعظمك مفقودًا!!! وما أكرمك ملحودًا!!! وإن أمر اله لا يقابل إلا بالرضا والصبر على ما قضى وأمضى؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون.
*dr-m-shaker@hotmail.com