ناسٌ ولكنّهم شياطين...؟!
ناسٌ ولكنّهم شياطين...؟!
يعتقد البعض أحياناً أنّ مشكلتهم في الحياة هي معَ شياطين الجن، فيعيش ويحي على ذلك الاعتقاد، ونسي أو جهل أنّ الشّيطان هو أضعف خلق الله...، قال تعالى في سورة النساء في آية ست وسبعون: ( إِنَّ كَيْدَ الشِّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفَاً)، ونستدلّ من هذه الآية بأنّه ليس هناك ما يبرّر الخوف منها في حال كان المرء قويّاً بالله، فيعينه عليها في كل الأحوال، ففي شهر رمضان المبارك مثلاً... يصفّدها الله لنا لنتفرّغ للصوم والعبادة والعمل...، فهل هناك أشدّ ضعفاً لها من ذلك؟
هناك شياطين أخرى أعتى وأقوى وأشدّ خطراً،تصول وتجول وتُفسد كما يحلو لها، ولا تُحبس أو تصفّد طوال العام، وتفعل ما تشاء ووقتما تشاء، فلا تتركنا لبرهة لنتفرّغ لأعمالنا أو عباداتنا وأرزاقنا، فيحاصروننا بيت بيت، زنقه زنقه، دار دار، وفي كلّ زمان ومكان، تجدهم أنّى ومتى التفتَّ، يساراً أم يميناً، فلا أسهل من أن تراهم مِلْء عينك وبصرك..، في الشّوارع، القطاعات، المؤسسات، والهيئات...، وليس لديهم أدنى ضمير أو مشاعر أو أحاسيس...، هل عرفتهم؟ إنّهم شياطينُ الإنس... !
هؤلاء عليهم جميعاً مَسحة البشر وما هم ببشر، ومنهم:
شياطينُ يعملون طوال اليوم ليلاً نهاراً بهمّة عالية دون كللٍ أو ملل، يتواجدون كفئة شيطانية ترفع الأسعار بعد أن تحتكر السّلع، ولكي تزداد مكاسبهم؛ فلا بدّ لهم من مساعدة شياطين آخرين مثلهم على أن يملكون القرار والسّلطة، لتسهِّل القرارات بعد تشريعها لهم، وليقفون بالمرصاد أمام كلّ معترضٍ عليهم إن وُجِد...، هل عرفتهم؟ إنّهم شياطين الإنس من التّجار ورجال الأعمال، وشياطين الإنس من الحكومة...!
شياطينُ يعقدون الصّفقات مع شياطين القرار، ومع أدنى أمرٍ منهم أو إشارة؛ يهجمون على كلّ من يعارض رغم أنّهم يتحدّثون بلسان المعارضة، فيصرخون وينادون معك بالإصلاح نهاراً، ويسهرون مع الحكومة ليلاً طمعاً بالحصول على مغلّفٍ أو شكرٍ أو تقدير...، هل عرفتهم؟ إنّهم شياطين الإنس من نوّابٍ وشيوخ عشائر ووجهاء ورؤساء أحزابٍ ونّقاباتٍ ومهن ومؤسسات ووسائل أعلاميّة... !
شياطينُ مرئيّون مسموعون مُطالَعُون، يأمرون النّاس بالبرّ ويَنسَوْن أنفسهم، سيرتهم تتناقض عمّا يدعونك إليه، فيواصلون ويواصلون إليك ومعك وعظهم وإرشادهم، يسحرونك بكلامٍ له حلاوه...، وعليه طلاوه، فتحسبه سحراً من البلاغة ، يعارضون الحكومة هلالاً، ويصالحونها بدراً...، وأين؟ في صالات مكاتبها، هل عرفتهم؟ إنّهم شياطين الإنس في الفضائيّات والصّحف، والإذاعة... !
شياطينُ يتحدّثون إليك حيّاً ومباشراً بأدبٍ ولسانٍ ناعم، وتكاد أعينهم تفيض دمعاً من حمل الواجب وثقل المسئوليّة والخوف من الله إن قصّروا أو ظلموا، فإذا انتهى البث وركنوا إلى كرسيّهم ومكاتبهم، وآووا إلى قصورهم وبِركِهِم وحرائرهم وفلذّات أكبادهم؛ تنعّموا بما لذّ وطاب بعد أن يجرّوا أذيالهم عن أوحال مساكين الأردنّ، ويلعنون ويسبّون فقراءَه...، فما يهمّهم هو وضع أو سنّ ما يخدم مصالحهم وأبنائهم فقط من القوانين والتّشريعات، هل عرفتهم؟ إنّهم شياطين الإنس من الوزراء والمسئولين والمستنفذين... !
شياطينُ تطلّ عليك رؤوسهم من كلّ مكانٍ وفي كلّ اتّجاه، يعملون الحبة قُبّة، يقلبون الأسود إلى أبيض والأبيض إلى أسود، يزيّنون الأفعال لولاة الأمر والمسئولين فيفقدونهم التّمييز بين الخطأ والصّواب، فيُنظر لهم كأنبياءٍ يُوحى إليهم ومعصومين عن الخطأ، وحينها لا ولن يُردُّ لهم أغلى طلب...، هل عرفتهم؟ إنّهم (...) عذراً...؛ رصيدك لا يكفي لإتمام هذه الإجابة...، عليك تعبئة رصيدك في أقرب وقتٍ ممكن، وعليك الإجابة فوراً أو فلتكن من الشّياطين الخرس (في هذه المسألة يظهر على غرارها لك نوع آخر من شياطين الإنس؛ ألا إنّهم الخُرسْ)، وما أكثرهم... !
شياطينُ سِيماهم في وجوههم من أثر السّجود، لا ينفكّون عن تهليلٍ أو تسبح وهم أبعد ما يكونون عن الدّين، فلزوم الشيء من الشيء، يتواجدون في كلّ دائرة أو مؤسسة خدميّة حكوميّة (ضرائب، جمارك، أحوال، محاكم، أراضي، عقارات، أوقاف...) ويرتادها المواطنون الضّعفاء من كل بلديّة أو لواءٍ أو مُحافظة...، هل عرفتهم؟ إنّهم شياطين الإنس من صغار الموظّفين والسّماسرة والمراسلين والأذنة والسكرتارية ومدراء المكاتب، والاُمناء والنّائبين والمساعدين... !
عفوك يا الله...، فشياطين الجن نرتاح منهم شهراً في كلّ سنه، أمّا شياطين الإنس فلا نرتاح منهم أبدا...، اللهم إنّا نعوذ بك من شياطين الإنس، أمّا شياطين الجنّ؛ فالصّوم وأدعية حُصن المسلم وقراءة المعوّذات وآية الكرسي بعد كلّ صلاة؛ كفيلة بهم، ولا بدّ لها أن تحول بإذن الله بيننا وبينهم.
وبناءً على ما سبق؛ فإنّ شياطين الإنس في الأردنّ درجات، وكلّ منهم له نسبة ما من الضّرر والخطورة...، فهل لك أخي القارئ أن تخبرني عن أعلاهم نسبة وأكثرهم علينا ضرراً وخطورة؟
(ترسل الإجابات على العنوان الآتي: هيئة مكافحة شياطين الإنس ما ظهر منها وما بطن: قسم المُبيدات الحشريّة – بف باف – الأحمر والأزرق).
shahimhamada@yahoo.com