القمة الأردنية-الأمريكية

كانت القمة الاردنية-الامريكية ناجحة بامتياز حيث التوافقية في الرؤى تجاه القضايا المصيرية في المنطقة وخصوصا القضية الفلسطينية ومكافحة الارهاب والازمة السورية والعلاقات الثنائية، وأعطت وسائل الإعلام العالمية تركيزاً وأهمية واضحة على القمة والتي جاءت في توقيت مهم وخصوصاً أنها عقدت بعد القمة العربية التي يرأسها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه والذي يستطيع التحدّث باسم القمة ومخرجاتها والتركيز على إعادة الألق والأضواء للقضية الفلسطينية كأولوية عربية على سبيل إعادة المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية إلى الطاولة الحوارية على أساس حل الدولتين والمبادرة العربية في قمة بيروت في العام 2002.

وجاءت إشادة الرئيس الامريكي ترامب بجلالة الملك المعزز مميزة حيث وصفه بالمحارب العظيم وصانع السلام، وهذه إشادة لم يحصل عليها رئيس دولة بعد من قبل الرئيس ترامب، حيث ذلك مؤشر قوي على اهتمام الإدارة الأمريكية الجديدة بصوت الحكمة والعقل الصادر عن جلالته، ليكون صوت الوسطية والاعتدال والسلام حاضراً في كل المحافل الدولية، وتكون إستراتيجية مكافحة الإرهاب بالمقابل بتشاركية مع حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط.

كما جاءت إشادة الرئيس ترامب بالشعب الاردني كشعب كريم ومضياف وشكرهم على مواقفهم تاريخية أيضاً، حيث إن الاردن وأمريكا يرتبطان بشراكة وعلاقة إستراتيجية وتوافقية بالرؤى كانت واضحة كنتيجة لتقديره لهذا الشعب العظيم، وهذا الإعتزاز لم يصدر من فراغ لكنه يؤشر إلى إيمان الرئيس الأمريكي بأن الشعب الأردني يمتلك الكرامة والإنسانية والتي استمدّها من قيادته الهاشمية المظفرة.

وحيث إن العلاقة الاردنية الامريكية ممتدة وراسخة منذ أكثر من 75 عاما، وحيث إن الاردن حليف وشريك إستراتيجي وداعم رئيس للاستقرار والأمن في إقليم الشرق الاوسط، أشار الرئيس ترامب إلى أنه ملتزم بالحفاظ على العلاقة مع الاردن وداعم لها، وبالتالي فإن الرؤية المستقبلية للعلاقة الثنائية الأردنية-الأمريكية ستكون متنامية وفي صعود دائم لمصلحة البلدين الصديقين ولمصلحة الإنسانية.

وضع جلالة الملك كرئيس للقمة العربية الرئيس الامريكي والصحفيين بصورة رؤية العرب للسلام وفق حل الدولتين وأن القضية الفلسطينية هي قضيتنا المركزية، وأن المباحثات الفلسطينية-الإسرائيلية يجب أن تنطلق من جديد لأن عملية السلام تمثل الرؤية العربية والمبادرة العربية الرئيسة منذ قمة بيروت في العام 2002، وأن أي حيث غير ذلك يعني انحراف المفاوضات عن مسارها والعودة للمربع الأول، والأمل يحدو الجميع في مباحثات السلام والتي باتت ضرورة بعد الحالة الملتهبة في إقليم الشرق الأوسط، لأن ما يجري في فلسطين والقدس ينعكس على أعمال الإرهابيين كحجة لهم في بقية دول العالم وخصوصاً ما يجري على أرض العراق واليمن وسوريا وغيرها.

كان جلالة الملك المعزز متفائلاً جداً بلقاء الرئيس الامريكي حيث المسؤولية مشتركة لمكافحة الارهاب والسعي لدعم جهود السلام وللحل السياسي في سوريا والقضاء على داعش. فمكافحة الإرهاب باتت هاجس الدول الداعية للسلام والمؤمنة بالعيش الكريم، وخصوصاً بأن الأردن يرتبط بتحالف دولي ضد الإرهاب ترأسه الولايات المتحدة الأمريكية الصديقة، وتحالف آخر عربي ترأسه الشقيقة المملكة العربية السعودية، ويتطلّع دوماً بأن يعيش العالم العربي والإسلامي والإنساني بسلام دون أي تطرف أو إرهاب.

وأكّد الرئيس ترامب أثناء اللقاء بأن الهجوم الكيماوي على خان شيخون في إدلب بسوريا رهيب ولا إنساني ويتحمله النظام السوري، وغير توجهه تجاهه لانه تجاوز الخطوط الحمراء، ومؤشرات سياسة أمريكية جديدة في سوريا تلوح في الافق، وفعلا هذا ما حدا بالإدارة الأمريكية لتوجيه ضربة عسكرية صاروخية للقواعد العسكرية ومضادات الصواريخ ومراكز الأسلحة الكيماوية السورية وبواقع تسعة وخمسين صاروخاً بالستياً من نوع توماهوك، والتي جعلت حالة التوتر تعود من جديد بين اللاعبين الأساسيين في الأزمة السورية، والقادم ربما يكون صوب الحل السياسي لها.

وإبّان القمة الأردنية-الأمريكية أكّد الرئيس ترامب دعمه المالي للأردن والذي لم يفصح عن قيمته ونوعه، وذلك لمواجهة أزمة اللاجئين السوريين والتي إستنزفت موازنة الدولة الأردنية من حيث البنى التحتية وغيرها، وكلّفت أكثر من عشرة مليارات دولاراً حتى تاريخه، مما يعني التزام أمريكي بدعم الاردن كحليف إستراتيجي وشريك فاعل تربطهما علاقة صداقة نوعية.

وعرّج الرئيس ترامب إبّان القمة على الاتفاقية النووية مع إيران، والتي وصفها بأنها أسوأ اتفاقية على الاطلاق مع أمريكا وأنها ما زالت خاضعة للتصديق من قبل الكونجرس الامريكي، مما يعني بأن القادم من الأيام سيتم تأطير العلاقة الأمريكية-الإيرانية على أساس هذه الاتفاقية أو إعادة النظر فيها.

بصراحة مطلقة نرفع رؤوسنا بجلالة الملك المعزز عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه، والذي له حضور حيثما حل لانه يمتلك رؤية المحارب المميز وصانع السلام في نفس الوقت، ونتطلع لعلاقات حميمية وإستراتيجية وتشاركية مع الولايات المتحدة الامريكية الصديقة لينعكس ذلك إيجابا على المواطن الاردني وقضايا المنطقة وتحدياتها.