|
قد يكون الأردن الدولة العربية الوحيدة التي لم تهاجر المعارضة السياسية فيها إلى الخارج، وبالتالي فليس لدى النظام السياسي الأردني أيّ نوع من المتاعب التي تشهدها الأنظمة العربية الأخرى، حيث المعارضة في الخارج تعيش عملية مستمرة من التجهيز للإنقضاض على الحكم.
يعود الفضل في ذلك للأسلوب الفريد في الممارسة السياسية الذي أسسّه الراحل الحسين، وكرّسه نموذجاً ينفرد فيه الأردن عن غيره، ولم يستوعب الحسين -رحمه الله- المعارضين الهاربين لإعادتهم فحسب بل سلّمهم مناصب سياسية، ومنهم من صاروا وزراء، ومنهم من صاروا نواباً وأعياناً، ومنهم من أصبح مديراً للمخابرات العامة.
التسامح والتوافق والانفتاح كان العنوان المهيمن على المشهد السياسي الأردني، وليس من وقت أفضل من هذا الذي نعيشه الآن لإعادة اكتشاف التميّز والتفوّق، والاحتفال به والإصرار على مواصلة ممارسته، ففي حين تعضّ الأنظمة العربية على أصابعها ندماً على قهر المعارضات، ينعم النظام السياسي الأردني براحة بال وضمير، ولا يذهب الخلاف أو الاختلاف إلا إلى مواد في قانون، أو دستور، أو تغيير أو تعديل حكومة.
ما نقوله إننا نريد لهذه الحالة أن تتواصل، وأن لا نشهد حالة كسر عظم واحدة، فتبقى قواعد اللعبة السياسية ضمن إطارها التوافقي التسامحي، دون إغفال حقيقة الحاجة إلى إصلاحات تزيد من فرص الناس في المشاركة السياسية والاقتصادية.
|