كيف نواجه عودة 4 آلاف داعشي؟!

من جديد، وبعد أن خرج علينا في آب (اغسطس) الماضي مركز الدراسات الألماني (فيريل) ليدق ناقوس الخطر، ويقول إن ما يقرب من 4 آلاف متطرف أردني انضموا الى "داعش" واخواتها، ها هي دائرة الأبحاث في الكونغرس الأميركي تقول إن هناك حوالي 4 آلاف أردني انضموا لصفوف "داعش" خلال الفترة من 2011 وحتى اليوم في سورية والعراق، وهذا يجعل الأردن، بحسب التقرير، ثاني أكبر مساهم في المتطوعين الأجانب إلى "داعش" بعد تونس.

سبق أن كتبت حول الموضوع عندما ظهر التقرير الأول، ووقتها أشرنا الى أهمية ان تقف كل مكونات الدولة أمام تلك الارقام الكبيرة، وتعمل لمعالجتها، ووضع الخطط اللازمة لمواجهتها.
اليوم، الأمور مختلفة، فتنظيم "داعش" الارهابي ينكفئ في العراق وسورية معا، وكذا حال تنظيم جبهة النصرة الارهابي أيضا، وهذا يدفعنا للتفكير مليا في طريقة التصدي بقوة لهذا الواقع، إذ إن اولئك المنضوين في التنظيم الارهابي سيعودون للأردن إن آجلا او عاجلا، وما يساهم في ذلك ان سرعة انهيار التنظيم كبيرة وواضحة، خصوصا في ظل فقدانه أبرز معاقله سواء في الموصل او في الرقة وحلب وحماة وتدمر وغيرها.
في تونس؛ وهي الأولى في عدد المنتسبين للتنظيم الارهابي، ثمة حوار مستمر ومتواصل حول طريقة التعامل مع الارهابيين العائدين للبلاد، وهناك تعدّدت وجهات النظر، بين من يدعو لعدم استقبالهم ورفض عودتهم، وبين من يطالب بحبسهم في سجون خاصة، وفي الحوار الدائر على قدم وساق تعدّدت وجهات النظر، ففي حين رأت حركة النهضة أن بلادها مضطرة لاستقبال أبنائها "العاقّين"، دعا حزب "آفاق تونس" إلى محاكمتهم في البلدان التي ارتكبوا فيها جرائمهم، بينما دعت حركة مشروع تونس إلى سجن جميع المقاتلين العائدين، مؤكدة انهم يشكلون (قنبلة موقوتة) في البلاد، فيما رفع عدد من نواب حزب "نداء تونس" شعارات تطالب بعدم عودة الإرهابيين إلى البلاد.
هذا ما يجري في تونس، اما نحن في المملكة، فعلينا التعامل مع الموضوع بجدية أكثر، وأن نخطط بواقعية لمواجهة عودة افتراضية للإرهابيين للبلاد، وهذا يضع على عاتق الجميع مسؤولية مضاعفة واساسية، أبرزها وضع الخطط اللازمة لذلك.
في تونس الحوار موسع، وفي العمق، ووصل حد وضع استراتيجيات موسعة وخطط اساسية لكيفية التعامل مع الموضوع، وتفكيك وكشف شبكات التسفير وتتبع ومحاسبة كل المتورطين في تنظيمها وفق قانون مكافحة الإرهاب لحماية المواطنين منهم في المستقبل خصوصا فئة الشباب، والتعامل مع الذين يحاولون التسلل للبلاد، وتكليف الأجهزة الأمنية والعسكرية أولاً والقضائية ثانياً بمهام تجاههم في إطار الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب، وتكثيف التنسيق مع مختلف الأجهزة الأمنية للدول المنخرطة بالحرب على الإرهاب حتى اجتثاثه نهائياً، وتوفير كل الإمكانيات البشرية والمادية واللوجستية لتحصين الحدود ومنع التسلل والتّصدّي والسيطرة على تحركات الارهابيين، وعزل المساجين منهم عن مساجين الحق العام تفادياً لخطر استقطاب الشباب.
ما يجري من حوار معمق في تونس يتوجب علينا القيام به في البلاد، والتخطيط بشكل موسع وواقعي له، ووضع الخطط لمواجهته، وفتح حوارات موسعة مع كل القوى الفاعلة في المملكة بهدف التخطيط لطريقة التعامل مع إرهابيين عائدين من جبهات الارهاب، سيما وأن كل إرهابي يعود للبلاد ولا يسجن فوراً بشكل احترازي على أقل تقدير، هو عبارة عن قنبلة موقوتة بيننا، فمن يستحل القتل والإرهاب وترويع الآمنين في أي مكان لن يتوانى عن ذلك في أي مكان آخر.
وقبل أن يقفز بوجهي من يحاجج بأننا لا نستطيع منع من يحمل جنسيتنا ويرغب بالعودة إلى بلاده من فعل ذلك، وأن الدستور كفل له ذلك الحق، فإن علينا ان نفكر قبل ذلك بالطريقة التي يتوجب التعامل فيها مع عودة مفترضة لأولئك الإرهابيين، ووضع الخطط الكفيلة بالحد من خطرهم، وعدم السماح لأولئك بعودة آمنة دون حساب للبلا