تحريك سعر الفائدة قرار البنوك المركزية



يلفت النظر أن يرفع البنك المركزي الأميركي سعر الفائدة للمرة الثانية خلال شهور في حين يخفض البنك المركزي الروسي سعر الفائدة للمرة الثانية أيضاً.


حتى بعد الرفع في أميركا ما زال سعر الفائدة على الدولار في حدود 1% ، وبعد التخفيض في روسيا ما زال سعر الفائدة على الروبل في حدود 10%.

الاقتصادان الأميركي والروسي يعيشان في عالم واحد ، ومع ذلك يجري تحريك الفائدة باتجاهين متعاكسين ، فلماذا يحدث ذلك ، وهل هو نتيجة ظروف مختلفة في البلدين ، أم نتيجة اختلاف في اجتهاد البنوك المركزية.

بالرغم من رفع سعر الفائدة على الدولار فإن الاقتصاد الأميركي يمر الآن في حالة انتعاش ، وتنخفض نسبة البطالة إلى أدنى مستوى لها منذ سنوات عديدة.

وبالرغم من خفض سعر الفائدة على الروبل فإن الاقتصاد الروسي يعاني من الانكماش والنمو السلبي للناتج المحلي الإجمالي.

هبوط سعر البترول عالمياً يفسر جانباً من هذه المفارقة ، ذلك أن روسيا تشبه دول الخليج العربي من حيث الاعتماد على حصيلة صادرات البترول ، ذلك أن ارتفاع أو انخفاض الأسعار العالمية للبترول يفوق أهمية ارتفاع أو انخفاض أسعار الفائدة محلياً ودولياً.

تركز البنوك المركزية كثيراً على سعر الفائدة كأداة لمكافحة التضخم ، وقد تكون هذه الأداة فعالة في اقتصاديات صناعية متقدمة ، ولكنها قد تكون مؤذية في اقتصاديات نامية او متخلفة.

القصد من رفع سعر الفائدة هو تبريد الاقتصاد الوطني والحد من التوسع الرأسمالي الذي يوسع الطلب ويسبب التضخم. هذا وارد في اقتصاديات دول متقدمة مثل أميركا ، ولكنه عمل تخريبي في بلد فقير يهمه بالدرجة الأولى تشجيع الاسـتثمارات الجديدة وتوسيع المشاريع القائمة ، وبالتالي رفع معدل النمو الاقتصادي ، وتخفيض نسبة البطالة ومنسوب الفقر.

في الأردن لا يتم تحريك سعر الفائدة بقصد تبريد أو تسخين الاقتصاد الوطني ، بل لأسباب نقدية بحته ، مثل حماية احتياطي العملات الأجنبية لدى البنك المركزي ، والحيلولة دون نشاط الدولرة وزيادة جاذبية الدينار بإبقاء فرق الفائدة لصالح الدينار.

تحريك سعر الفائدة في بلد كالأردن لا يشجع أو يثبط الاستثمار ، ولا يزيد أو ينقص معدلات البطالة والفقر إلا في أدنى الحدود ، ولكنه يحقق الاستقرار النقدي ، ويؤثر على معدل التضخم المحلي ، ويعزز الثقة بالدينار ، ويؤثر على كلفة خدمة الدين العام إيجاباً وسلباً.