لا تعزفوا على وتر الجنوب بقلم هلال العجارمه
لا تعزفوا على وتر الجنوب
الجنوب العزيز بأهله هو جزء لا يتجزأ من هذا الوطن، الجنوب الذي حضن مطلق الرصاصة الاولى ووقف رجاله الذين ما انحنت جباههم يوما إلا للواحد القهار ووقفت نشمياته يزغردن للضيف المحرر ، فقد سكن قلوبهم قبل أن يسكن بيوتهم ويشاركهم لقمة الخبز الحاف وزبدية (الشنينه) في وقت لم تتوفر فيه وجبات الهامبورغر ولا نكهات الايس كريم، وقفوا واقسموا أن الروح والمال والولد ستبذل رخيصة لهذا الوطن وشيخه في ذلك الحين، ومرت الأيام والسنين وهذا الجنوب الحر يحتفظ بتلك البندقية التي أطلقت رصاصة الحرية الاولى ليقول للعالم أن تلك الرصاصة لا زال صوتها مدويا ومطلقها لازال بيننا.
انطلقت بالأمس في الجنوب تلك الحناجر الرجولية التي تقول أن الانتماء للوطن والولاء للعرش لايختلف عليه اثنان فمطالبهم هي نبذ الفتنة ومحاربة الفاسدين والمفسدين، انطلقت أصواتهم حتى وصل صداها إلى عمان ليقول أنا الصدى جئتكم من ارض الأصالة والنخوة ارض الشهداء والأحرار جئتكم من معان والطفيلة والكرك وذيبان لأقول لكم أيها العمانيون لاتعزفوا على وتري، نعم أنا جائع وعاطل عن العمل واتدبر القوت يوما بيوم لكنني لا أرضى أن يمس وطني بمكروه.
بالمقابل خرج العمانيون الآذاريون والتموزيون والايلوليون ليهتفوا بحناجر نشتم منها رائحة (المشاوي) العمانية وسلطة (الفروت) ومثلجات الايس كريم تلك الحناجر التي لم تترك عرس إلا وكان لها فيه قرص، خرجوا ليعزفوا على وتر الجنوب لحنا خبيثا ممزوجا بالفتنة والحقد على هذا الوطن وأهله، فشتان مابينكم وبينهم خرجتم وبانتظاركم (طناجر) اللحوم والشحوم وخرجوا هاتفين ليبتعدوا عن اطفالهم الذين ينتظرون (قلاية) البندوره مع رغيف الخبز (البيات) فالكثير منكم من حصل على وظيفة في (المريغه) او (العيص) او (برديس) فرفضها ولعن اليوم الذي ولد فيه لأنها بنظركم منفى وعقوبة فكيف تتركون عمان وهوائها البارد لتلفح وجوهكم الشمس الحارة التي تحرق بأشعتها وجوه أهل معان والكرك والطفيلة وذيبان فتجعل من وجوههم سحنة أردنية سمراء أصيلة فهي تعرف وجوهكم المغطاة بواقي الشمس.
ماذا تعرفون أيها العمانيون عن الجنوب غير اشارات الطرق التي تدلكم على طريق العقبة للاستجمام والتبذير فهل هتافاتكم هي من سيجلب الخير إلى أهل الجنوب، وجوهكم هي نفسها وجوه عابسة حاقدة تبحث عن النار لتزيد عليها الحطب وتتسلل تحت جنح الظلام لتوقظ الفتنة النائمة وحجتكم هي الإصلاح والتغيير فتبا للإصلاح والتغيير على طريقتكم ونفضل أن نبقى فاسدين ومفسدين على أن نؤجج نار الفتنة التي تنادون إليها في كل تجمع لكم.
مللناكم وكرهنا وجوهكم البيضاء اللامعة (وكروشكم) المتخمة بخيرات هذا الوطن، اتركوا أهل الجنوب وشأنهم فمن بنى بيتا لن يهدمه بيده وهؤلاء هم من بنى هذا الوطن ولن يسمحوا لجعجعتكم البغيضة أن تمسه بسوء، فلا تغنوا على عزفهم النقي الصافي أغنية بائسة حاقدة.
هلال العجارمه
helalajrami@yahoo.com