لماذا العرب مهزومون في كل المجالات؟

لا أحد يجادل أن العرب مهزمون في مجال السياسة والعسكرة. وقد يكون هناك إتفاق شبه عام، على أن الهزيمة في مجال السياسة ليست سوى وليدة هزيمة في مجال العسكرة. والسبب يعود، وفق الإتفاق المذكور، إلى الضعف والتخلف في مجال التكنلوجيا والصناعة، وخصوصا في المجال العسكري. وهذه الرؤية صحيحة إلى حد معقول، مع أنها تحتاج إلى المزيد من العمق والدراسة. ولكن ليس هذا هو مغزى الحديث هنا. بل المغزى هو إثارة السؤال، لماذا العرب مهزومون في الميادين الأخرى، حيث لا تستخدم الأسلحة المتطورة والتكنلوجيا الحديثة؟!

لنأخذ مثلا المسابقات الرياضية، وتحديدا لنأخذ عينة واحدة وهي كرة القدم. من المعلوم أن كرة القدم هي اللعبة التي تستمر زهاء 90 دقيقة في ساحة الملعب، بين فريقين لكل منهما 11 لاعبا بالتساوي، مع حق تبديل بضعة لاعبين أثناء الشوطين. منذ حوالي قرن يلعب العرب هذه اللعبة. وبما أن الكثير من البلدان العربية الغنية، مثل دول الخليج، تصرف أموالا طائلة على هذه اللعبة، لكنها تعجز عن منافسة الفرق الآسيوية ناهيك عن الأوروبية والأمريكية! فمن حيث الأموال نجد الدول الخليجية أغنى لكن ذلك لم يشكل فارقا ولو بسيطا. وإذا قيل أن القوة والحجم الجسماني يلعب دورا، فإن الإنسان في هذه الدول العربية يمتلك القوة والضخامة الجسمانية مثل الأوروبيين والأمريكيين. وفي المقابل، نجد أن الآسيويين في عمومهم أصحاب أبدان قصيرة وربما هزيلة، كما تبدو للشاهد. وإن قيل أن المال سيلعب دورا، فإن أغلب بلدان الجنوب الأمريكي يعاني الفقر مثل البرازيل والأرجنتين و…الخ. مع هذا نجد الأمريكيين الجنوبيين ينافسون الأوروبيين بكل قوة، بل يتفوقون عليهم كثيرا في شتى مجالات الرياضة.

العرب وحدهم محرومون من أي إنجاز، غير إنجاز واحد، وهو أن يتفاخروا بالخسارة أمام الدول والفرق الغربية والرياضيين الغربيين. ولعل العرب هم الوحيدون في العالم، في إمتلاك مفردات غريبة وشاذة مثل إعطاء صفة الشرف للخاسر الدائم (خسر الفريق العربي بشرف، خسر اللاعب العربي أمام اللاعب الفلاني الأوروبي بشرف…وهكذا)!

لماذا؟

هل الفرق الغربية تستخدم الأسلحة التكنلوجية في الألعاب الرياضية؟ هل يستعمل اللاعب الأوروبي أسلحة مثل طائرات أف 16 والصواريخ الذكية الموجهة بالكومبيوتر؟ الجواب يأتي ساخرا: بالطبع لا!

إذن ما هو السبب؟

السبب هو أن الإنسان العربي مهزوم نفسياً وبعمق. إنه مهزوم شعوريا ووجدانيا أمام الإنسان الغربي الذي اختلق في ذهنه الباطن صورة أسطورية عنه، لا يقدر على التخلص منها، مع العلم أنه اختلط بهذا الإنسان الغربي وعاشره في شتى الميادين في بلاد العرب، وفي بلاد الغرب أيضا.

هذا الإنهزام النفسي والشعوري والوجداني نشأ وتطور من مصدرين. الأول: هو المصدر الفكري، حين استسلمت الأمة إلى سبات عميق، وسلّمت أمور دينها وتراثها ومنهج حياتها إلى المستشرقين وتلامذتهم (مثل رفاعة رافع طهطاوي وجمال الدين الأفغاني الماسوني الشيعي ومحمد عبده و…الخ من تلامذتهم الجدد والمعاصرين وهم كثر، يشكل معظم الإسلاميين جزءا من هذا السياق!). الثاني: هو الإعلام الغربي وهيمنته وما يمليه من زيف، حيث أن هذا الإعلام الدجال صوّر لنا الإنسان الغربي كنموذج متفوق طبيعيا وفطريا وعقليا وجسديا وحضاريا، إلى حد إظهار نفسه كإله مسيطر!

والأغرب من هذا، بل والأنكى والأحط، هو أن الإنسان العربي صدق هذا واستسلم لهذه الخرافة التي قدمت له كحقيقة! وحين أصبح لدى الإنسان العربي إعلامه ووسائله، تحول الإعلام ووسائله إلى وسيلة للإفصاح عن شعوره الحاد بالنقص في المنحدر الذي أوقع نفسه فيه، وبات يقلد ويستنسخ إلهه المفترض! وهو بهذا يبدو كشخص مشلول الإرادة والرؤية والتفكير، يسوقه شخص آخر يتمتع بوعيه وإرادته، إلى حيث يشتهي!

لذلك حين يدخل اللاعب العربي (العربي هنا كناية عن الإنسان الشرقي والمسلم) الملعب، أو حين ينزل الفريق العربي إلى الملعب، فهو خاسر نصف اللعبة إن لم نقل معظمها قبل بدء اللعبة أساسا، لأنه في شعوره الباطن المتراكم منذ أكثر من قرن، يعتقد أنه يواجه الإله/ الإنسان، أو الإنسان/ الإله!

وليس غريبا أن يكون المثل الأعلى للإنسان العربي عموما، والرياضي خصوصا، أولئك الأشخاص الذين يُسمون في الغرب بالنجوم: نجوم الرياضة ونجوم الفن (الشقر عادة)!

لِمَ لا، ولماذا نلوم الناس العرب وخصوصا الرياضيين، إذا كان أقصى حلم المثقف العربي والسياسي العربي أن يحظى كعبد آبق بجلسة شرب أو عشاء مع سيدة غربية شقراء مقابل دفع الملايين من الدولارات؟!

أو ليس هذا السياسي العربي هو الممول الأول والأخير للإعلام العربي؟ أليس المثقف العربي من فصيلته هو الكادر الذي يدير الإعلام العربي!

هل تعرفون من أين تأتي هزائم العرب حتى في ميادين الرياضة؟!