تقارير ناقصة !!


تقارير التنمية البشرية على اختلاف مصادرها والجهات التي تنشرها تظل ناقصة من حيث الجداول والاحصاءات والارقام والنسب المئوية، فهي تغطي المجالات كلها بدءا من التعليم والصحة حتى الامية بكل تفريعاتها وتجلياتها، لهذا اصبحنا نحفظ عن ظهر قلب عدد اسرّة المستشفيات وعدد المرضى في كل بلد عربي، ومتوسط الدخل والعمر ايضا، واصبحنا نعرف كم هو عدد الاطفال الذين تتحول مهودهم الى توابيت صغيرة .
نعرف ايضا كم هو ترتيب جامعاتنا ومراكز الابحاث والنسبة المئوية من الميزانيات التي تكرس لها، فالتقارير حول التنمية سرعان ما تصبح تقارير حول الانيميا لمجرد ان نقرأها، فالارقام صادمة وقد لا يتفوق العرب على غيرهم في هذه الاحصاءات الا بالمال الذي ينفق على التسليح من اجل حروب ذوي القربى والاخوة الاعداء وكذلك ما ينفق على الثرثرة في الهواتف المحمولة !
النسبة المئوية الوحيدة التي لا تأتي التقارير الموسمية على ذكرها من قريب او بعيد هي عدد العرب والنسب الديموغرافية بينهم وبين اسرائيل، وعلى سبيل المثال لا تذكر هذه التقارير ان اسرائيليا واحدا يقابل ستين عربيا ويملي شروطه عليهم وتقضم عظام موتاهم الجرافات وهي تمهد الارض لوحدات استيطانية ! وقد تقول لنا هذه التقارير ان العربي يقرأ اقل من صفحة من كتاب في العام لكنها لا تقول شيئا عن ذلك الكتاب وهو على الاغلب عن فن الطبخ او الخرافة او الابراج !
ان الاحاطة البانورامية بالمشهد القومي كله غير مُتاحة لأحد لأن المخفي اعظم، ما من تقرير يتحدث عن عدد المواهب التي يجري ذبحها من الوريد الى الوريد لدى اطفال تحاصرهم شروط بيئية غير آدمية في المدن والقرى على السواء، وما من تقرير قدّم لنا احصاءات عن الانتحار النفسي والمعنوي البطيء الذي يمارسه ملايين العرب .
تقدم التقارير احصاءات دقيقة عن عدد العرب المهاجرين الى القارات الخمس لكنها لا تقدم احصائية واحدة عن عشرات الملايين الذين هاجروا الى انفسهم واعلنوا طلاقا بائنا مع واقعهم ! ولا ندري ما اذا كان الخلط بين التنمية والانيميا خطأ مطبعيا ام تهريبا للواقع ؟؟

التعليق