|
يضطر صديقنا الأستاذ خيري منصور لكتابة مقالة يدافع فيها عن نفسه، ويضطر أكثر لإصدار بيان صحافي ينفي فيه جملة وتفصيلاً مزاعم تلقيه أموالاً على شكل مكرمة شهرية من معمر القذافي، فقد تناقلت المواقع الالكترونية العربية الوثيقة الملفّقة وقدمّتها على شكل كعك سخن شهيّ، وقرأها الجميع، لهذا كان ينبغي التوضيح.
لم أعرف ردّ صديقنا عبد الباري عطوان الذي ذكره التلفيق بما سمّي بالوثيقة نفسها، ولعلّه آثر الصمت باعتباره أكثر من تعرّض لمحاولات التشويه في تاريخ الصحافة العربية المعاصر، وصار خبيراً بمعادلة الكلاب التي تعوي والقوافل التي تواصل السير، ولكنّني أعرف تماماً أنّه سيكون جريح الروح، يلعن الزمان الذي يسمح بهذا الهوان.
حدث الأمر، نفسه، بُعيد احتلال الثوار المصريين مباني مباحث أمن الدولة، فقد وجدوا مئات «الوثائق» التي تدين الأنقياء، وتناقلتها آلاف المواقع الالكترونية، ولكن سرعان ما تبيّن أن الضبّاط الهاربين لفّقوها في آخر لحظات حياتهم المهنية، ففي آخر الأمر: لا يصحّ سوى الصحيح، وهي مسألة تنطبق على كلّ زمان ومكان.
أعود إلى خيري وعبد الباري، وهما صديقان منذ دهر، أعرف عنهما ما يجعلني أشعر معهما بالقهر الصامت المعلن من زمن ضاعت فيه الأخلاق، وصار فيه الصادقون مضطرين للهبوط إلى مستويات التوضيح، وفي كلّ الأحوال فالقراء يعرفون أكثر، أكثر ممّا يظنّ الملفّقون.
|