قمة عمان ورقة على الغصن
كتب عيسى محارب العجارمة – شد انتباهي بالامس اثناء عودتي من العمل باجازة نهاية الاسبوع وانا اركب بشاحنة كبيرة من الاغوار باتجاه مسقط رأسي بلدة ام البساتين مقدار وحجم العمل الرائع الذي تقوم به أمانة عمان بتهيئة وتزيين طريق البحر الميت باعلام الدول العربية وعبارات ترحيب بضيوف قمة عمان الكرام .
الا ان غفوتي وفرحتي بلقاء اولادي قد قطعها فعل جنوني لشاب ثمل او مدمن مخدرات اسفل جسر شركة الدخان قرب مجلس عشائر العجارمة حينما سار بخطوات مسرعة صوب الشاحنة بقصد الانتحار على ما يبدو ، لتتدخل العناية الالهية وحدها بانقاذه بمعجزة شهدتها بام عيني ، وهو على بعد بوصات قليلة من الموت ، بمحاكاة لعناصر داعش بالموصل والرقة بانتحار ذاتي لامة ادمنت الانتحار بالمخدرات وفتنة التكفير .
نزلت من الشاحنة على اشارات ام البساتين الضوئية بخطى وئيدة ثقيلة احمل حقيبة ملابسي ، كجندي عائد من كتيبة بحرس الحدود الاردني ، الا انني وانا قد قفزت عتبة الخمسون عاما بلحيتي الكثة البيضاء ، وبقايا غبار - الكسارة التي اعمل بها - على ملابسي المتسخة وحذائي الرث غير البالي، فلم يعرفني احد من الجيل الجديد الشاب بقريتي ، شعرت بشيء من الاغتراب الثقافي ربما فرضته بواكير الكهولة وقسوة الزمن ، ولم اتعرف من المارة الا على سائق السرفيس خالد الصقري ( مدرب سابق بالقوات الخاصة ) والبقال الكهل مثلي يوسف الدروبي حفظهما الله .
لأدلف لمحل الدجاج (المعاطة ) واطلب طيري دجاج تمهيدا لغداء الجمعة لتطير احداهما من الميزان- بحركة انتحار ذاتي على ما يبدو ايضا - ايضا من الميزان باتجاه الاناء المعد لغلي الماء وتقع فيه ويخرجها العامل تقريبا بدون ريش ، ويذبحها قبل نفوقها بحد سكينه المرهف كقرصان صومالي محترف او عناصر الحشد الشعبي بالموصل بهذا الربيع العربي مترامي الاطراف والاهداف .
ولكن لان رسالة الكتابة تحتم علي الارتقاء عن هموم واقع الحال المهني الشخصي الصعب ، ولان الله لم يحرمني سلاحي الاخير قلمي الفذ الذي هو القاسم المشترك بيني وبين العقاد الذي دخل على مدير له بالعمل ذات يوم وقال له يا حمار ، وهي عبارة ارددها على وجه كل من له علاقة بالعمل الاعلامي في هذا البلد دونما خجل ووجل لانه تقرير حال لثلة من كلاب الحراسة الاعلامية الوطنية تقاسمت المناصب الاعلامية الورقية والالكترونية الخاصة والعامة بينها ، واخرجت قلمي من حيزها الضيق لحزبية مقيتة واقليمية وضيعة ونظرة امنية قاصرة لمن هم بمثل قامتي التي ما هانت شكيمتها رغم الاصرار على الاقصاء والتهميش لي وانني لهم بالمرصاد ولكنني ما تعودت نقل البندقية من كتف الى كتف .
ما علينا فاليوم يترائ للعين جمال الربيع الاردني بشهر آذار المجيد ، بالذاكرة الجمعية للامة ونصر الكرامة المبين ، وتنبت قمة عمان ورقة خضراء يانعة ، على غصن شجرة القومية العربية ، مورقة ببراعم من الامل والخير ، على أرض الاردن العربي الهاشمي ، موئل العروبة والاسلام ، وحصن المواجهة الصامد على اطول خطوط وقف اطلاق النار مع العدو الصهيوني .
وعبر تصريحات سفيرة الدبلوماسية الاردنية الحسناء الفاضلة ريما علاء الدين ، نستشف الحسن والجمال والخير العميم على الامة العربية جمعاء ، وتوضيحاتها بحس مرهف ينم عن حسن الضيافة وكرمها ، الموسوم بها الشعب الاردني نشامى العرب ملكا وحكومة وجيشا وشعبا ، وتغمرنا بنت الكرام الاردنيين بفيض من التفاؤل الدبلوماسي الاردني ، بقمة ناجحة على كافة الصعد سياسيا واقتصاديا نحسد عليها ، بهذا الظرف الحاسم والدقيق من عمر الامة الماجدة ذات الرسالة الخالدة .
الفاضلة ريما علاء الدين سفيرة الاردن السابقة بأستراليا ، هي كريمة المرحوم البطل اللواء الركن مظلي احمد علاء الدين الشيشاني ، محرر الحرم المكي الشريف من ( الكويفر اجهيمان وعصابته ) ، الذي احتل ودنس الحرم المقدس بنهاية السبعينات ، كما يفعل الخوارج اليوم بكثير من بقاع الوطن العربي ، لتتحرك القوات الخاصة الاردنية المحمولة جوا ، بأمر مباشر من الحسين العظيم وتقوم بتطهير الحمى المقدس من دنس الخوارج التكفيريون .
ليس غريبا على حسناء الدبلوماسية الاردنية ، سليلة بيت البطولة والوفاء الشيشاني الشركسي الكريم كريمة محرر الحرم الغالي ، ان تقوم بهذا الجهد المبارك خدمة لصورة الاردن الهاشمي ، وتكون الناطق الرسمي لقمة عمان الورقة الخضراء اليانعه ، على شجرة الاحلام العربية المستباحة حتى النخاع ، بالقدس وسوريا والعراق من قبل اسرائيل وصنيعتها داعش ، وايران التي يقف اليوم بوجه عبثها بالعراق السيد مقتدى الصدر عاري الصدر، هو وانصاره لتحرير المنطقة الخضراء من ازلامها الذين عاثوا فسادا ببغداد الرشيد .
ليس سرا ان هذه القمة تعقد حسب المواصفات والمقاييس السعودية ، التي ترمي اليوم بكل ثقلها لنجاح قمة عمان ، فتشريف خادم الحرمين الشريفين لوطنه الثاني الاردن الهاشمي ، قبل عقد القمة بيومين هو نجاح مبكر لها ، والسعودية هي حامية الحمى العربي ، وهي اجدر من تركيا وايران بقيادة الامة العربية لما فيه خير الامة العربية .
رزنامة الاحداث الاردنية تتلاحق بسرعة خاطفة خلال آذار المبارك ، فالزيارة الملكية الناجحة للمغرب الشقيق ، والاستقبال الشعبي لجلالة الملك الذي يعكس مدى حب الشعوب العربية لشخص ولدن جلالته حفظه الله ، والجيش العربي احتفل بذكرى الكرامة كمقدمة قومية ناصعة النقاء تليق بقمة عمان نهاية الشهر المجيد ، والتي ستكون نتائجها بعون الله بحجم نصر الكرامة التي لجمت الة الحرب الصهيونية عام 1968 ، وها نحن مع تباشير نصر عربي مجيد - وان تعددت أوجه الصراع - مع العدو الصهيوني ولجم خطط تركيا وايران ، للتوسع على حساب الامة العربية بسوريا والعراق .
الاردن الهاشمي دقيق مثل ساعة بيج بن بلندن ، فهو ينهض دبلوماسيا وعسكريا وقوميا وشرعيا لهذه القمة ويقوم بأستعدات غاية بالدقة ، فمسرح الحدث المنتظر بالبحر الميت ، يعج بنشاطات أمنية وعسكرية وحتى نشاط جوي مكثف بتلك المنطقة ، والحرس الملكي بالموعد حماية للضيوف الكرام من مطار الملكة علياء وحتى مكان الاقامة ، والنشامى بالاجهزة الامنية والجيش العربي صقور لا تلهث وقد اقتربت ساعة الصفر .
وهنا لا بد من الاشادة بجهود الحكومة الاردنية ، وتحديدا وزارة الخارجية الاردنية ووزيرها النشط الذي سد فراغ أسد الديبلوماسية الاردنية ناصر جودة ، والثناء على السفيرة المتألقة بنتنا الفاضلة ريما علاء الدين ، التي كانت الشخص المناسب بالمكان المناسب بالتوقيت الصحيح ، عكس السفيرة الامريكية المغادرة ، التي اهاجمها انطلاقا من المواصفات والمقاييس الاردنية فقط لا غير – وهي حتما غير المواصفات الاستعمارية الغربية والصهيونية - واهل مكة ادرى بشعابها وان كان هذا الموضوع قد تم طرقه بالمقال السابق الذي لم يرى النور رغم اهميته الا بموقع كل الاردن ووطننا نيوز لهم مني كل الشكر.
بطبيعة الحال فأن رزنامة الحدث المنتظر تطغى على كل ما سواه الا ، ان صنارة جريدة الرأي قد أصطادت قيام مدير الجوازات الجديد الباشا فواز الشهوان ، بتوزيعه للشيكولاته على المراجعين معتذرا عن بعض الاشكالات الفنية التي تؤخر اصدار البطاقة الذكية – والازدحام عليها كمعصرة الزيتون - وهو ابن دائرة المخابرات العامة سابقا بينما الاجهزة المماثلة بالوطن العربي ، تقوم بتوزيع اكفان الموت على شعوبها، له مني كل التهاني والتبريكات بالمنصب الجديد ، وهو من خبرناه قولا وفعلا ، بان المناصب تكبر بشخصه الكريم لا العكس ، وهو موضوع كبير عن مهنية الجهاز الوطني الشريف ورجالاته الغر الميامين ، لا نستطيع سبر اغواره بهذه العجالة رغم اهميته القصوى .
وكذلك الحال فقد لفت انتباهي قيام وزير الداخلية معالي غالب الزعبي ، بالمشاركة ممثلا لجلالة الملك بترميم القبر المقدس بالقدس للسيد المسيح بكنيسة القيامة ، بدعم مالي سخي من جلالته مما لقي ثناء بالغا من القيادات الدينية المسيحية هناك وبالعالم اجمع ، فالرعاية الهاشمية للقدس والمقدسات الاسلامية بها وحل الدولتين ولجم الاستيطان ونقل السفارة الامريكية من تل ابيب للقدس ، وغيرها من القضايا المفصلية بالقضية الفلسطينية ستكون بمقدمة اجندات قمة عمان
وختاما فأن كل هذا الوهج الاردني البديع بقمة عمان الناجحة قبيل انعقادها انشاءالله يتطلب منا ايها الاردنيون النشامى شحذ الهمم والوقوف صفا واحدا لنجاح القمة المهمة والله ولي التوفيق .