تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية 2016

صدر أول من أمس التقرير السنوي للأمم المتحدة – برنامج التنمية الإنسانية، وهو التقرير الذي بدأ بالصدور العام 1990، وتحول إلى حدث سنوي عالمي تشغل به الحكومات والمنظمات والمؤسسات التنموية الدولية والوطنية كما مراكز الدراسات ووسائل الإعلام.
وقد جرت العادة أن يركز التقرير في كل عام على واحدة من المسائل المهمة والأساسية في التنمية، وكان الموضوع الرئيسي لهذا العام "التنمية للجميع"، ذلك أن المقياس الحقيقي للتقدم هو في قدرة جميع المواطنين على قدم المساواة وبلا استثناء على الاستفادة من الخدمات الأساسية والفرص المتاحة، بل إن أسوأ ما أصاب السياسات الاقتصادية والتنموية هو اتساع الفجوة بين الطبقات والمحافظات والبلدان في الدخل وفرص التعليم والرعاية الصحية والاجتماعية، وأسوأ من ذلك أن يوجه الإنفاق العام لصالح أقلية من المواطنين!
سوف تكون هناك عودة إلى فكرة الجميع كما عرضها التقرير، لكن هذه المقالة تركز على مؤشرات التنمية للعام 2016. كان مؤشر التنمية في الأردن بقيمة: 0.742 وفي المرتبة 86 بين دول العالم، ويعتبر الأردن حسب التقرير من فئة التنمية المرتفعة، إذ تصنف الدول في مجموعات؛ تنمية بشرية مرتفعة جدا (0.80 فما فوق) وتنمية مرتفعة (0.70 فما فوق) وتنمية متوسطة (0.55 فما فوق) وتنمية منخفضة (أقل من 0.55)
وقد تراجعت قليلا قيمة مؤشر التنمية عن العام 2015، كما تراجع الترتيب أيضا حيث كان في العام الماضي في المرتبة 85. وبالنسبة للمؤشرات الرئيسية فإن العمر المتوقع في الأردن يساوي 74.2 سنة، ومعدل نصيب الفرد من الناتج المحلي (مستوى الدخل) يساوي حوالي عشرة آلاف دولار، وهذا الرقم بالطبع أقل بكثير من الرقم المجرد الصادر عن دائرة الإحصاءات العامة ويبلغ حوالي خمسة آلاف دولار، ذلك أن مكتب التنمية البشرية في الأمم المتحدة يعيد احتساب قيمة الدخل حسب مؤشرات عالمية؛ فتزيد قيمته في بلاد وتنخفض في بلاد أخرى، وكان معدل سنوات الدراسة يساوي عشر سنوات. ويعكس مستوى الدخل الأداء الاقتصادي، ومعدل العمر الأداء الصحي. كما تعكس قيمة المؤشر محصلة مجموعة واسعة من المؤشرات الاقتصادية والتنموية.
وللمقارنة والتوضيح بالنسبة لهذه المؤشرات، فإن أفضل بلد في العام في قيمة مؤشرات التنمية كانت النرويج (0.949) وجاءت سنغافورة في المرتبة الخامسة (0.925) وحازت على أعلى مؤشر في معدل العمر المتوقع (83.2)، وجاءت إسرائيل في المرتبة 19 (0.899) متفوقة على دول متقدمة مثل فرنسا وفنلندا وبلجيكا والنمسا وإيطاليا وإسبانيا. وكان أفضل بلد عربي في الترتيب العالمي هو قطر إذ جاءت في المرتبة 33 وبمؤشر قيمته: 0.856 تليها السعودية (38) ثم الإمارات (42) ثم البحرين (47) ثم الكويت (51) ثم عمان (52) ثم لبنان (76) ثم الجزائر (83) ثم الأردن (86) وجاءت مصر في المرتبة 111 من بين 193 دولة شملها التقرير.
وقد احتلت دول من العالم الثالث موقعا متقدما في التنمية، وهي مسألة يجب الإشارة إليها، ومن هذه الدول من فئة التنمية المرتفعة جدا تشيلي (38) والأرجنتين (45)، ومن الدول ذات التنمية المرتفعة وتستحق الإشارة سري لانكا (73) وماليزيا (59) وموريشيس (64)
التقرير يستحق الاهتمام والتحليل على نطاق أوسع مما تتيحه هذه المساحة، ولا بد من عودة إلى مؤشرات وأفكار كثيرة وردت في التقرير، وربما تكون مقولة البابا فرنسيس الأول أجمل ما يلخص فكرة التقرير "النظام الاقتصادي الذي يميز بين الناس، ليس أقل فتكا بهم من القمع والإرهاب".