(بطة ) ضحية مرض العنصرية والاقليمية

اخبار البلد-

د.بشير الدعجة

فعلة (بطة ) اساءت لكافة اطياف الشعب الاردني... وتشكل حولها رأي عام غاضب هادر.

ملاعبنا اصبحت وكرا لمثيري نعرات الاقليمية والعنصرية ... ولا رادع لهم.

تراخي الجهات المعنية في مكافحة العنصرية الرياضية في ملاعبنا دفعت (بطة) لارتكاب فعلته النتنة القذرة.

الاندية الرياضية مسؤولة مسؤولية كاملة عما يصدر من جماهيرها من شعارات واهازيج تغذي العنصرية والاقليمية.

الاعتداء جسديا ومعنويا عليه في المركز الامني لا يجيزه الدستور والقانون ويجب محاسبة فاعلها

ترك بطة وامثاله دون احتضان ورعاية وتأهيل وتوجيه... يجعلهم مواطنين حاقدين.. ويصبحوا صيدا سهلا للمتربصين بالوطن من قوى الشر وخفافيش الظلام

الحل الامني والاداري لما يحدث داخل ملاعبنا هو حل ( مسكن) ... ولا بد من اجتثاث الظاهرة من جذورها

غياب واضح للدور الاعلامي الامني في محاربة الظاهرة... فهل هوضعف في الكفاءات ام (غايبين فيلة ).

 

كتب المحلل الامني العقيد الدكتور بشير الدعجة

 

تابعت ما تناولته وسائل اوسائط التواصل الاجتماعي الشاب الذي رسم علم اسرائيل واسفل منه كتب كلمة ( فيصلي ) اشارة واضحة وصريحة الى النادي الفيصلي الرياضي وتفوه بكلمات لم استطع تمييزها ولكن لغة الجسد عنده كانت قوية واستشفيت منها عبارات تهديد ووعيد وحقد على النادي الفيصلي وجمهوره كما قام بحركات استفزازية لكافة الاردنيين بشكل عام وجماهير كرة القدم الاردنية بشكل خاص ... بغض الطرف عن انتماءاتهم النادوية ... وتمثلت هذه الحركات بالدعس على كلمة " فيصلي " عدة مرات رابطا النادي الفيصلي وجماهيره بدولة اسرائيل واشارة واضحة بان الطرفين " الفيصلي واسرائيل " هما وجهان لعملة واحدة حسب تفسيري لهذه الحركة الغبية الجاهلة اللامسؤولية .

ان ما قام به المدعو ( بطة ) اثار مشاعر كافة الاردنيين بمدنهم واريافهم وبواديهم ومخيماتهم واستنكر الجميع هذه التصرف الأهوج الصادر منه ... وعبر الجميع عن ارائهم ومواقفهم بصورة حادة ... نالت من بطة وذويه وأهله ... وطالب الجميع باتخاذ اقصى درجات العقوبة على الفعلة غير المبررة التي اقدم عليها مطالبين دوائر الأمن سرعة القاء القبض عليه واتخاذ ما يلزم من اجراءات قانونية وادارية بحقه ... كما استنكرت جماهير النادي الذي يدعمه ويشجعه فعلته المخجلة والتي نمت عن حقد دفين اتجاه النادي الفيصلي ... حيث نشر العديد من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي من انصار جميع الاندية رسومات وعبارات تؤكد على قوة العلاقات الرياضية بين الاندية الاردنية ... وان التنافس الرياضي يتم داخل الملعب لا يفسد العلاقات الرياضة الوطيدة والمتينة بين الاندية الاردنية وجماهيرها.

سأقوم بتحليل الحادثة تحليلا وافيا وحياديا وموضوعيا وبحكمة دون اي تعصب او تعاطف ... واطالب من يقرأ مقالتي ان ينظر اليها بعين الانسان الواعي المحايد وان لاتجره عواطفه وقوة انتمائه وولائه النادوي للنظر اليها من هذه الزوايا ... وارجو عدم الحكم علي ومقالتي الا بعد قراءتها كاملة ... وبتبصر وعقلانية وفكر راقي ومن ثم الحكم علينا ( انا ومقالتي )....

بداية ان ما قام به ( بطة ) نستنكره جميعا وانا أولكم ... ولا يجوز او يصح مهما كان السبب ... فانها نعرة رياضية عفنه ... وتصرف لا اخلاقي ولا رياضي بغض الطرف عن الانتماء والحب النادوي عند بطة ... فالنادي الفيصلي هو هوية وطن كالوحدات والجزيرة والرمثا... الخ ... نحبه جميعا كما نحب بقية انديتنا الاردنية بمختلف درجاتها الرياضية ... ونشجعها ونقف صفا واحدا خلفها في المناسبات الرياضية الخارجية .

بطة ارتكب جرم رياضي لا يغتفر ... ويحق لجماهير النادي الفيصلي الغضب والاستنكار والشجب ... والتعبير عن ارائهم حول ذلك بطرق رياضية حضارية راقية ... ولا أجد للمدعو ( بطة )عذرا أستطيع الدفاع عنه أثناء ثورة الاردنيين جميعا سواء كانوا رياضيين او غير ذلك فأثارت التزام الصمت ... ولم اكتب او اعلق تعليقا واحدا على هذه الحادثة المخجلة المحرجة النتنة ... وفضلت التريث اياما حتى اكتب واوضح بعين حيادية وقلم حكيم وفكر راقي... واعتقد ان الجميع سيقرأ ويحلل بحيادية وبعقلانية واليكم ذلك ... واليكم موقفي وتحليلي لهذه الحادثة...

بطة هو عينة لكثير من الجماهير المأزومة والمريضة نفسيا بمرض الاقليمية والعنصرية او حتى الطائفية ... وان ما قام به هو جزء من مسلسل يحدث على مدراجاتنا الرياضية ... التي هجرها الرياضيين الحقيقيين من كلا الجنسين ... واحتلها واستولى عليها – وللاسف - هؤلاء المأزومين والعنصرين ... ما فعله بطة هو استكمالا لما يحدث على مدرجاتنا وملاعبنا الرياضية ... نسمع أهازيج واغاني وكلمات يندي لها الجبين من شدة عنصريتها وقذارتها ... خارجة وبعيدة كل البعد عن ابسط معايير التنافس الرياضي الشريف وعلى مرآى ومسمع اجهزتنا الامنية للاسف ... دون أتخاذ ابسط الأجراءات الامنية بحق مطلقيها وهم معروفين لهم بالاسم الكامل والعنوان ... اعتقد جازما ان ما شجع (بطة) على عملة هو تراخي الدور الامني داخل المدرجات في الحد من المظاهر غير الرياضية ... وما يخرج من افواه بعض المشجعين من عبارات نتنة تسيء الى النسيج الاردني الواحد وما يبدر منهم من حركات وافعال واشارات تسيء الى كل اردني واردنية ... فهذه الافعال والعبارات والاهازيج صادر عن عدد من المشجعين لبعض الاندية الاردنية.... وتركها تصدح بسماء ملاعبنا الرياضية دون اي اجراء امني بحق مرتكبيها ... شجع بطة ان يفعل فعلته النتنة لايمانه وقناعته بان ما يقوم به لن يضره ولن يتخذ بحقه اي اجراء ... كيف لا ... وهو يرى ويسمع عبارات وحركات وافعال قد تكون اقذر واوسخ من فعلته النكراء ... دون ان تحرك الجهات الامنية ساكنا لاتخاذ الاجراءات المناسبة بحق مطلقيها او فاعليها .

اجزم ان فعلة بطة لولا لم يتم تناقلها (رقميا) اي بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي وتشكل حولها رأي أردني عام غاضب ... لن تتحرك الجهات المعنية ... لكن أصبحت مشكلة رأي العام الأردني من كافة ابناء الوطن الواحد

بطة هو ضحية وكبش فداء عن العديد من الجماهير المأزومة على مدرجاتنا وفي بيوتنا ... وما دام بدأنا ببطة ... فلتكن النهاية القاء القبض على كافة مثيري الشغب العنصري والاقليمية النتنة وتحويلهم للقضاء لتعود ملاعبنا كما كانت نظيفة ... اهازيج رياضية ... وحركات بهلوانية ممتعة تصر خاطر جميع اطراف اللعبة ... كما كانت ايام ثمانينيات القرن الماضي حيث تجد درجة في ملاعبنا مخصصة للعائلات التي كانت تحضر الى الملعب بكثافة لتستمع بالعروض الكروية وبالليالي والامسيات الرياضية الرائعة... اما الآن فمدرجاتنا عبارة عن تناحر وشتائم بين الجماهير ما أنزل الله بها من سلطان.... مع سكوت مطبق غير مبرر من قبل الجهات المعنية

لا ادافع عن البطة فانا لا اعرفه ولم اراه في حياتي الا في وسائط التواصل الاجتماعي لكن من خلال تحليلي لصورته .... وجدته انسانا تائه جاهل غير متعلم لا يعرف من الثقافة حتى اسمها ((هذا تحليلي لصورته ))انسان بسيط ... من السهل قيادته وتوجيهه فهو عجينة طرية ... يسهل تشكيلها كما يحلولك ... لذلك فان ما قام به حسب تحليلي بادر عن جهل وعاطفة جياشة اتجاه ناديه ... معتقدا بأنه يخدم ناديه بهذا التعبير النتن ... وأجزم أنه لا يعرف عواقب فعلته التي أقدم عليها ... أو ما سيترتب عليها من غضب شعبي وملاحقة أمنية ... وأجراءات أدارية وقانونية قد تؤدي الى حبسه في أحد مراكز الاصلاح والتأهيل مطيحة بأماله وأمال ذويه .... وقد تتسبب بفصله من عمله أثر حبسه ورميه الى الشارع ... لقد غرر به من قبل مجموعة كانت تلقنه وتحضه على ما فعله .

تم القاء القبض عليه وأسندت اليه التهم التي اقترفها بفعلته يديه طوعا وبجهالة وعدم دراية وادراك عن عواقبها ... وسيقضي فترة في غياهب السجون ... لكن السؤال الذي يطرح نفسه ... كيف سيتم التعامل مع بطة وشاكلته ... هل هناك تأهيل وأصلاح لهم في مراكز الاصلاح والتاهيل لاعادتهم مواطنين طبيعين وأسوياء ... أردنيون منتمون لوطنهم وقيادتهم الهاشمية ... أم سيتركوا (بعل) دون سقاية وتغيير لأفكارهم ومعتقداتهم التي يأمنون بها ... وحملوها معهم الى الحبس ... ماذا أعددنا لدعاة العنصرية والأقليمية على شاكلة (بطة) من خطط وأجراءات سلوكية تصحيحية ... هل سيتم تعذيبهم جسديا ونفسيا ليزدادوا قساوة وعنصرية ... هل هنالك برامج تأهيلية فعلا لاعادتهم أشخاص أخرين اسوياء... ان ترك (بطة) وأمثاله دون توجيه وارشاد واعادة تقويم لسلوكهم ومعتقداتهم واتجاهاتهم... سيشكل خطرا على أمن الوطن والمواطن ... سيخرج أنسان حاقد غاضب قد تتلقفه تنظيمات أرهابية ومن يكيدون لهذا البلد السوء وذلك لتحقيق بعض اهدافهم الخبيثة من خلاله وامثاله

ان الجهات الامنيه المعنية مطالبة بالانتباه الى ما يحدث على مدرجاتنا وملاعبنا الرياضية وان تضع استراتيجياتها لمعالجة هذه الظواهر الدخيلة على مجتمعنا ورياضاتنا معالجة جذرية من خلال التوعية والارشاد والتثقيف ... ولا تكتفي بالحل الامني والاجراءات القضائية والادارية ... لانها لن تحل المشكلة ... قد تمنعها اشهرا لكن حتما ستعود ... والمتتبع لمسيرة الرياضة الاردنية في عقود الثلاثة الاخيرة يشاطرني الرأي بان الحل الامني لا يفيد ولا ينهي المشكلة ... فهو حل مسكن للظاهرة لا اكثر ... وعلى الجهات المعنية البحث عن اسباب وجذور المشكلة او الظاهرة ومن ثم وضع الخطط والأليات للقضاء عليها نهائيا.

اننا وللاسف اجرمنا بحق (بطة) وشرحناه تشريحا لا رحمة ولا رأفة فيه ... وكل واحد منا أدلى بدلوه في كيل الشتائم والسباب والتجريح له ولذويه ولنادي الذي يشجعه بالرغم أن جميع هؤلاء من ذويه وناديه ومشجعيه ليس لهم علاقة لا من بعيد ولا من قريب بما اقترفه ... بل كان ردهم عنيفا على ذلك واستنكروا استنكارا.

اننا وللاسف لم نتعامل بعقلانية ومنطق وحكمة مع الحادثة ... أخطأ بطة ... نعم .... وفعلته مثيرة للعنصرية و تفرق بين أبناء الشعب الواحد .. ولكن علينا أحتضانه ... نعم احتضانه ليعود الى جادة الطريق ... ليعود الى سربه ... سرب الانتماء والولاء للوطن ولقائد االوطن ... لننصره ظالما أو مظلوما ... وذلك من خلال تنويره وتثقيفه وتعديل سلوكه ووضعه على الطريق الصحيح ... بدل من زيادة الطين بلة ... وكيل الشتائم وتحقيره وتوبيخه وتجريحه ... فكيف سيعود لسربه وقد لفظه المجتمع بأكمله بما فيهم اهله وعشيرته الاقربين ... لنفكر مليا وبعمق وبتجرد في هذه الظاهرة المقلقة لكل أردني وأردنية لنعالجه للتخلص من مرضه ... مرض العنصرية والتفرقة والاقليمية ... لنعالجه كما نعالج اي مريض اخر أبتلي بمرض ... وبالتالي وانا متأكد بعد العلاج سيكون أنسانا أخر منتمي ... محب لوطنه ... محب لكافة اندية الوطن دون استثناء ... ويؤمن بأن التنافس الرياضي الشريف يكون داخل الملعب..... وخارجه نكون جميعا أخوة يدا بيد نشجع جميع الاندية الاردنية ... نقول مبروك للفائز وحظا أوفر للخاسر .

ان الاعتداء على بطة وكرامته داخل المركز الامني لا يبرره اي مبرر ... أو اي سبب مهما كانت فعلته ... لقد تم مس كرامته ( ومسحت بالارض ) من قبل احد افراد المركز الامني كما شاهدنا بالصور التي تسربت من داخل المركز الامني ونشرت عبر وسائط التواصل الاجتماعي ... فاذا بطة أخطأ فهنالك قوانين وانظمة ادارية تحاسبه وتقتص منه ... فنحن دولة القانون والديمقراطية ... والقانون هو الحكم والفيصل في اي جرم يرتكب .

ان أهانة مواطن من قبل أفراد الامن العام بالضرب والاعتداء الجسدي والمعنوي ايضا هو جرم يعاقب عليه القانون وان ما اقترفه أحد افراد الامن العام بحقه وما اقترفه (بطة) من عمل مشين قذر... في لغة القانون جرمين يحاسب ويعاقب عليهما مع الاختلاف بين الجرمين .

ان الفعلة التي ارتكبها (بطة) دقت ناقوس الخطر لجميع الاندية الرياضية الاردنية ... خطر التشجيع الاعمى للأندية الرياضية وما يرافقه كما ذكرت سابقا من أهازيج تثير النعرات بمفهومها الواسع ... فالاندية عليها واجب كبير اتجاه جماهيرها فهي المسؤولة عن تصرفات جماهيرها داخل المدرجات وبعد انتهاء المباريات الرياضة ... لذلك يجب اعادة النظر من قبل الاندية الرياضية بروابط مشجعيها ... ونبذ كل عنصر منهم يدعو الى الاقليمية والعنصرية ... أو ان افراد هذه الروابط لا يستطيعوا السيطرة على المدرجات وضبطها .. فعلى الاندية عزلهم والاتيان بغيرهم لضبط المدرجات.

كما ن الاندية الرياضية مطالبة بعقد اللقاءات الدورية مع روابط المشجعين وتثقيفهم وتوجيههم للابتعاد وتخليص المدرجات وتنظيفها من التشجيع الاعمى والمتعصب ونبذ الكراهية للاندية الشقيقة وعليهم غرس الروح الرياضية لدى الجماهير ... وغرس ثقافة الفوز والخسارة ... وافهامهم هذه اللغة بانها لغة الرياضة الراقية والحضارية ... وكذلك توجيههم لتقبل جماهير الاندية الاخرى وتحيتها واطلاق الاهازيج الودية الاخوية الجامعة للعبة وليس المفرقة لها او المشحونة التي تثير الشغب والمشكلات على المدرجات.

اما الاعلام الامني فهو مقصر في محاربة الظاهرة...ولا اريد الخوض في هذا المحور ...لاسباب كثيرة ومتعددة

ارجو من الجميع تفهم وجهة نظر وتحليلي العقلاني للحادثة والنظر اليها من منظار العقلانية والحكمة والموضوعية والحيادية ... هدفي الارتقاء بالانسان الاردني واحتضانه حتى لو كان مسيئا وحمايته من نفسه او التغرير به ليعود الى حضن الوطن ... لا ان تتلقفه قوة الشر و خفافيش الظلام وجرذان المجاري ... وللحديث بقية

الدكتور بشير الدعجة الناطق الاعلامي السابق للامن العام