نحو انتخابات نزيهة وتوسيع قواعد المشاركة
نتوسل نجاح الانتخابات البلدية، ومجالس المحافظات، في شهر آب المقبل، وها هي الخلية التي شكلها وزير الداخلية مع وزيري التنمية السياسية والبلديات بروحية المشاركة وتوسيع قاعدتها مع استعدادات هيئة الانتخابات المستقلة ولدعمها، والتوجيهات لها ونحوها، تشكل الأرضية الرسمية للعمل على وضع الخطوات الاجرائية العملية الموصلة والمحفزة الى حد معقول وواقعي بهدف ارساء تقاليد انتخابية تسعى لتوسيع قاعدة مشاركة الأردنيين في مؤسسات صنع قرارات التأثير على حياتهم وتطوير معيشتهم، وتحسين مستوى الخدمات الحيوية اليومية المطلوبة لهم، وفق حقوقهم الدستورية كمواطنين يؤدون واجب دفع الضرائب المترتبة عليهم، مقابل حصولهم على الأمن، والخدمات التعليمية، والصحية، والأدارية اللائقة، ومنها انتخاب قادة التمثيل، واختيار الأشحاص المناسبين والمدافعين عن مصالحهم، وفق افرازات صناديق الاقتراع .
ليست الانتخابات البلدية ومجالس المحافظات تتوسل عاملا واحدا فقط وهو توسيع قواعد الشراكة من قبل المواطنين في مؤسسات صنع القرار المؤثرة على حياتهم، بل ثمة عامل أخر لا يقل أهمية عن عامل توفير الخدمات بأقصى قدر من التطور والتنمية والشراكة بل ارساء تقاليد ومراكمة أعراف وتجارب لخلق قيادات محلية ووسطى وعليا تمثل الأردنيين، فاذا كانت المجالس البلدية برؤسائها ومجالسها تمثل المدينة أو القرية ممن فقط يسكنون فيها، أي أن الانتخابات البلدية تقتصر على عضوية ساكنيها وفي اطار حدودها فقط، وهذا يعني أنها ستفرز قيادات محلية صرفة، بينما المحطة الثانية وهي انتخابات مجالس المحافظات فتشمل قياداتها لكل محافظة ومقتصرة على ساكني المحافظة فقط، أي أن لكل محافظة مجلسها المنتخب من أبناء المحافظة وساكنيها، ولذلك ستفرز المحافظات قيادات وسطى منتخبة، وهذا يدفعنا للمحطة الثالثة الهامة وهي الانتخابات النيابية التي يجب بالضرورة أن تكون افرازاتها الانتخابية لقيادات وطنية على مستوى الأردن، وليس كما يحصل سابقاً وحالياً للنواب، في أن يكونوا ممثلين لمناطق ضيقة وفعاليات محدودة، ولهذا يجب التحرر من عقلية ممثلي المناطق والأديان والقوميات والشرائح والأمتيازات لبعض الفئات كي تصل الى البرلمان، بل يجب أن يحظى عضو مجلس النواب على حضور وطني عابر للمحافظات والفئات والشرائح وأن يكون نتاج برامج عمل ترتقي بمستوى النقاش والمراقبة والتشريع الى مستوى الأردن كوطن ودولة، ولا يمثل مجلس النواب الحارات بعقليات ضيقة جهوية تفتقد لسعة الأفق والدراية .
الانتخابات النيابية يجب أن تتم على أساس القائمة الوطنية والنسبية كي يتحرر مجلس النواب من ابتزازات الناخبين الجهويين وضيقي العقلية والأفق، بذلك يكون لكل محطة من المحطات الانتخابية افرازاتها المحلية للبلديات، والقيادات الوسطى لمجلس المحافظات وصولاً نحو قيادات وطنية لمجلس النواب، بغير ذلك لن يحقق بلدنا وشعبنا تطلعاته ويتحرر من أسر الجهوية والحارات وأمراض العشائرية والأنحياز الأعمى غير الموضوعي، للعائلية والمصالح الضيقة الذاتية والأنانية .
عضو مجلس النواب، يجب أن ينتخب على أساس وطني لا جهوي، وبرنامجي لا شخصي، يرتقي لمستوى الوطن ككل، وهذا ما يتطلع له شعبنا، وما حوته أوراق الملك النقاشية .
نسير باتجاه الأصلاح وتوسيع قاعدة المشاركة، ولكننا نسير ببطء نظراً لتغول الإتجاهات المحافظة والتقليدية وتسلط قوى الشد العكسي صاحبة النفوذ في مؤسسات صنع القرار التنفيذية وانعكاساتها على البرلمان الذي لم يتحرر بعد من هيمنة السلطة التنفيذية وأدواتها التي تحول دون الأرتقاء بمستوى الأداء البرلماني لأن القانون مازال متخلفاً ومحافظاً الى حد الرجعية وعدم قدرته على تجاوز الماضي والإقتراب من الحاضر وصولاً الى مستقبل يسوده الأمن والاستقرار والتقدم والتعددية والديمقراطية وتداول السلطة والاحتكام الى نتائج صناديق الإقتراع .