النوفرة تشتاق للحكواتي

هذا المقال نشر قبل عام في هذا المكان بمناسبة مرور خمس سنوات على الحرب في سورية، واليوم أعيده للنشر لمرور السنة السادسة لها، والرجاء ألا تكمل سنتها السابعة، ولسوف تلملم سورية جراحها وتعود أجمل.
ليت الذي جرى ما كان وليتك تعودين كما كنت يا شام، واليك يا دمشق السلام وقد غبنا عنك قسرا وعسى أن نرى الريحان في جنبات حاراتك وهو يزيد الشوق لشد الرحال إليك والسير في أزقتك القديمة ولقليل من الراحة مع قهوة في النافرة.
والحنين بلا هوادة للسير في أطراف الجامعة واستعادة أيام البردوني وقراءة الصحف المعلقة على السور مجانا، والى كلية الهندسة ثم الإذاعة والتلفزيون وساحة الأمويين أو الذهاب الى المزة للمرور قرب المدينة الجامعية والآداب والطب. أو للسير نحو المتحف وتكية السلطان وسوق اليدويات، ثم الى فيكتوريا ومنه الى السبع بحرات والصالحية والحمرا للعودة من بعد لفندق الشام بأناقته العريقة.
وأي مساء في أبي رمانة وذاك الذي على قاسيون أو باب توما، وبعد كل السهر يطيب الكمال وأبو كمال لفتات «المأدم» وما طاب ولذ من مقبلات فيهما، وان شئت فإلى أبي العز وصفيحته أو اللحمة بعجين من فرنه، ومن شرفاته لك من مآذن الأموي ما يفرح من الأصوات الموشحة باللحن الشامي وكأنه عزف من عالم الغيب.. وتأخذنا الأيام وتعيدنا وهي تغني للشام على طول الأيام، وليت مصطفى نصري أطال اللحن وأضاف للكلام وما كان يدري كيف لبردى أن يكون من عيون ودموع أيضا، ويا شام اهلك أحبابي والموعد سحابة صيف واوان كرم يعتصر، وتعتق النغمات فيك والليالي ألحانا تطرب الطرب.
وما زال الجرح على كبر فإنه وان طال الزمان يلتئم، وكل مواكب الموت ستعود حياة والتاريخ شاهد على أقدم العواصم وكم حل بها طوال الزمان وما اندثرت يوما وكانت تصحو دائما على حياة، وليس من جنيف يأتي الفرج وهو قادم بلا ريب في حينه رغم كل الدم، وآيات دمشق شعر ومنها سيخرج مليون نزار، وما اغتالوك ولا صلبوك وإنما شبه لهم وظنوه، ولك يا شام من يحميك ويعيد نور شمسك وستكونين يوما كل شموع الأرض.