سياسة الأواني المستطرقة!!

ما تردد في بعض وسائل الاعلام وعلى السنة المعلقين بأن ما يتخذه اردوغان من مواقف انفعالية واحيانا راديكالية ازاء الدول سواء أكانت مجاورة ام نائية هدفه رفع منسوب شعبيته في الداخل ويقيم فاصلا بين ما يسمى السياسة الداخلية والخارجية، وكأنهما شاطئان متقابلان، والحقيقة ان السياسة الداخلية هي خارجية بقدر او بآخر في عالم تحكمه قوانين الاواني المستطرقة بعد ان انجزت العولمة مهماتها، فالسياسة الداخلية ليست مجرد استهلاك محلي لأن لها توابع وآثارا على صعيد اقليمي ودولي، خصوصا في المجال الاقتصادي، فالشعبية ليست عواطف مرسلة ، انها تنحسر وتتمدد تبعا لعوامل عديدة، وهناك من جوّعوا شعوبهم بحجة الحشد للدفاع او مواجهة المؤامرات الخارجية لكن شعوبهم سرعان ما انقلبت عليهم .

العلاقة بين السياستين الداخلية والخارجية يحكمها التداخل والتقاطع وليس التخارج، خصوصا في عالم تغيرت فيه عدة مفاهيم ومنها السيادة الوطنية المطلقة !
ان ارضاء الشعوب لبعض الوقت ممكن شرط ان تشعر بأنها تدفع ثمن الدفاع عن كبريائها الوطني لكن الاستمرار في هذا الارضاء الذي يخاطب النرجسية القومية ليس ممكنا ولدينا امثلة لا تحصى في هذا السياق، لكن المثير بالفعل ان رئيسا كان يزهو بما يسمى صفر مشاكل يصبح في غضون اعوام قليلة على خصام مع الكثير من الاصدقاء والجيران حتى الحلفاء امر يتطلب مقاربة سايكولوجية وليس سياسية فقط، فالحلم بالتمدد الامبراطوري او ما تفعله النوستاليجا الامبراطورية بالحكام والمحكومين على السواء قد ينتهي الى خواتيم غير سعيدة على الاطلاق، ليس فقط لأن الزمن تغيّر، بل لأن تشكل التضاريس السياسية لهذا الكوكب اصبح له خطوط طول وعرض جديدة، والايديولوجيا مهما تسلحت لم تعد تصلح خوذة لامبراطور، فالهويات الان في صراع كان مؤجلا لقرون، وقد يحب الناس اكاليل الورد والاناشيد لكنهم ما يزالون يحلفون على الرغيف لفرط ما حرموا منه !!