الباشا مروان

لم التقيه كثيراً، ولا ادعي صداقته الحميمة، لكنه حميم ندي مع الجميع، وصديق مشترك مع كثيرين، وعرفه جلّ الأردنيين، وعلموا كيفية تعامله مع الناس وتبسيطه مراجعاتهم لدائرة الأحوال المدنية، فكان ندياً طيباً في كل الأوقات، خدم بإخلاص وجد، ولم تكن الوظيفة لتثريه او تدر عليه دخلاً كبير الفرق بين راتبه كمدير عام وبين راتبه التقاعدي، كان الفرق بسيطاً، لكنه عمل بكل ما أوتي من قوة، لكي يعيد السجل المدني إلى ترتيباته ويحفظ له قداسته الوطنية.

اليوم يغادر الباشا مروان القطيشات موقعه الذي شغله قرابة العقد من الزمان، دون أن يثير أي مشكلة مع الاستمرار في تطوير عمل مكاتب الأحوال المدنية والجوازات وحوسبتها، وانتقالها من مبناها على الدوار الأول إلى المقر الجديد الكبير، الذي لم يحدث لولا إصراره علي وسعيه لأجل اتمامه. وكان في خلد وطموح الباشا حين زرته مع فريق من مكتبة الجامعة الأردنية قبل أعوام أن يتم ارشفة السجل المدني منذ قيام الإمارة وحتى اليوم الكترونيا.

هذا كان حلما، حظي بوعود كثير من رؤساء الحكومات للباشا، فحين اطلعنا على مستوع حفظ الوثائق والملفات، أدركت كم في تلك البناية العظيمة الكثير من الكنوز الدفينة التي تحوي معلومات كبيرة عن القيود والنفوس والسفر والتعليم والأعمار والولادات والوفيات.

منذ الزمن العثماني كانت وظيفة مسؤول او مدير النفوس مهمة، فتحت ولايته واختصاصاته تندرج كافة قيود أرباب الأقلام الخاصة بالأفراد و الأملاك، لكنها اليوم تأخذ معنى سياسياً في الأردن، فمدير الأحوال هو حارس أهم رقم في الأردن وهو الرقم الوطني، وحده من يقدم لنا الرقم الدقيق، ووحده من يقول «لم وهب رقما وطنيا» ووحده من يقول «من سحب منه» الرقم، وحده من يعرف خارطة الأثقال السكانية ولديه الكثير من المعلومات.

اليوم تنتظر دائرة الأحوال المدنية، على الأرجح أنه محترم، ومن ذات الطبقة التي جاء منها الباشا مروان القطيشات، ليكمل الجديد القادم ما أُنجز، وليطور ويضيف ويحقق المزيد من النجاحات، فشكراً للباشا مروان قطيشات، والحمد لله على السلامة كما يقول الأردنيون بعد انتهاء المهمات.