خطورة المديونية الأجنبية

كنا وما زلنا نحسب الدين العام كرقم واحد بصرف النظر عما إذا كان ديناً محلياً محرراً بالدينار أم ديناً أجنبياً محـرراً بالدولار أو العملات الأجنبية الأخرى ، والغريب في الأمر أن صندوق النقد الدولي بدوره يتعامل مع المديونية الأردنية كوحدة واحدة ، دون التمييز بين المديونية بالعملة المحلية والمديونية بالعملات الأجنبية.

هذا التقليد خطأ فادح ، فهو يتعامل مع الدين المحلي والدين الخارجي على قدم المساواة ، مع أن خطورة الدين الخارجي كبيرة وخطيرة ، وقد تضع الدولة المدنية تحت رحمة نادي باريس للديون التجارية ونادي لندن لديون الدول خلافاً للدين المحلي حيث يكون الأردن قد اقترض من نفسه وليس مسؤولاً أمام قوى أجنبية.

الاتجاه العام في السنوات الأخيرة هو ميل الحكومات الاردنية إلى الاقتراض الخارجي بالرغم من توفر التمويل المحلي ، وحجتها عدم منافسة القطاع الخاص على تسهيلات البنوك ، مع أن سيولة البنوك (الفائضة) مودعة في البنك المركزي بدون فائدة ، وجاهزة للإقراض عندما يوجد المقترض المؤهل.

ارتفع إجمالي الدين العام الأردني خلال السنة الماضية (2016) بنسبة 9ر4% أو بمقدار 2ر1216 مليون دينار ، ولكن تصنيف هذه الزيادة يدل على أن ثلاثة أرباعها جاء من مصادر خارجية بالعملة الأجنبية ، وبذلك يكون الدين العام الخارجي (وهو مقياس الخطورة) قد ارتفع خلال السنة بنسبة 7ر9% ، وتكون نسبته من إجمالي الدين العام قد ارتفعت من 7ر37% إلى 5ر39% ، ونسبته من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية قد ارتفعت من 35% إلى 5ر37%. وهي نسب عالية ومتجهة للمزيد من الارتفاع.

ليس في برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي توجيه حول هذا الموضوع ، فالدين في نظر الصندوق هو الدين سواء كان محلياً أو أجنبياً مع أن الفرق شاسع ، فالدول لا تفلس بعملتها المحلية لقدرتها غير المحدودة على الإصدار ، ولكنها معرضة للأزمة عندما تعجز عن تسديد التزاماتها بالدولار المستحقة لدول وبنوك أجنبية أو مؤسسات دولية لأنها لا تملك سلطة إصدار دولارات ، ولا بد من كسب هذه الدولارات بعمليات اقتصادية كالصادرات ، وهي في حالتنا لا تكفي لتغطية سوى ثلث كلفة المستوردات ، وبالتالي لا يمكن الاعتماد على حصيلتها لتسديد القروض الخارجية.

وبعد ، فليس من قبيل الصدفة أن توصف العملات الاجنبية في هذا المجال بأنها عملة (صعبة) ، فلا يجوز التوغل فيه.

رد وزارة النقل على الكاتب فهد الفانك

ورد الى ( الراي) رد من وزارة النقل على مقال الدكتور فهد الفانك الذي نشر بتاريخ 10/ 3/ 2017 حول التعليمات الصادرة عن هيئة تنظيم النقل البري بخصوص خدمة نقل الركاب باستخدام التطبيقات الذكية , تاليا نصه :

لقد اطلق الكاتب الذي عرف بموضوعية الطرح ومنهجية النقد احكاماً عامة مطلقةً واصفاً التعليمات « بالغبية والطاردة للاستثمار « دون ان يشير الى اي بند من هذه التعليمات او يفنده، مستطرداً الى انها تتضمن المئات من المتطلبات التعجيزية للترخيص إما بصيغة القصد او المبالغة المجازية.

وعليه ونظرا لعدم تطرق الكاتب الى بنود محددة ليتم التعليق عليها من قبلنا، فاسمح لنا ان نوضح الاطار التنظيمي لهذه التعليمات، والتي جاءت نتيجة جهود تشاركية وبعد مناقشات مستفيضة لمدة اربعة اشهر بين وزارة النقل والهيئة وكافة الأطراف والجهات المعنية ومن ضمنها مشغلو التطبيقات الذكية.

بدايةً يجب ان نتفق على قاعدة عامة مفادها ان الخدمة النهائية التي تقدمها شركات التطبيقات الذكية هي خدمة نقل للمواطن والتي يجب ان ينطبق عليها قانون وتعليمات السير، حيث انه لا يمكن تقديم خدمة نقل عام ضمن القوانين الناظمة بواسطة المركبات الخاصة وسائقيها.

ومن المناسب ان نصحح للكاتب المحترم حجم متطلبات مشغلي التطبيقات الذكية الواردة في التعليمات على انها لا تتجاوز بضعة بنود فقط للحصول على الموافقة المبدئية للترخيص وتستكمل بموافقة نهائية من خلال توقيع عقد تشغيلي مع الجهة ذات العلاقة، واما باقي بنود التعليمات فهي بنود تنظيمية لتحسين ومراقبة الخدمة التي يقدمها المشغل المرخص ومنها متطلبات السلامة العامة والتأمين وجودة الخدمة، شأنها شأن اية تشريعات تحكم اي خدمة مقدمة للمواطن مهما كان نوعها.

ولا بد ان يتفق معنا الكاتب المحترم على ان « أي خدمة تقدم الى المستهلك في المملكة مهما كان نوعها « يجب ان تكون مرخصة من الجهة ذات العلاقة وضمن ضوابط تعنى بالدرجة الاولى بحماية حقوق الطرفين «مقدم ومتلقي الخدمة».

لقد اسهب الكاتب في شرح ايجابيات التطبيقات الذكية وقدرتها على تقديم خدمة متميزة، متناسيا ان التطبيق هو عبارة نظام تفاعلي وتواصل بين المشغل ومتلقي الخدمة، حيث لا يقوم التطبيق بقيادة المركبة او ادامة سلامة المركبة ورفع سوية السائق وحماية حقوق الراكب، حيث تعتمد الشركات غير المرخصة حالياً على التفاعل الرقمي بينها وبين الراكب لقياس مستوى الخدمة، وتغيير قيمة التعرفة حسب ساعات الذروة دون صيغة تنظيمية رسمية تضبط العلاقة بين الطرفين، وعليه فان التعليمات من شانها فتح المجال لأي مشغل ليحصل على ترخيص بعد تقديمه الضمانات الكافية لتقديم متطلبات السلامة والخدمة النوعية لمتلقي الخدمة سواءً كانوا مشغلين شركات أو افرادا، مع إعطاء نفس الفرصة لكافة المشغلين لاستخدام التطبيقات الذكية.

كما ولا بد الاشارة الى ان مسؤولية الجهة المنظمة تنصب ايضا في الحفاظ على تناغم آليات السوق من خلال ضمان تكافؤ الفرص بين كافة مقدمي الخدمة، فكيف يمكن لنا حماية التنافسية في السوق في ظل وجود ادوات « مشغلين « غير خاضعين للأدوات الرقابية والتنظيمية وضوابط حماية متلقي الخدمة وبالمقابل هناك مقدم خدمة آخر يخضع لهذه الضوابط وما يترتب عليها من كلف مادية اضافية.

ان تنظيم مشغلي خدمة النقل العام باستخدام التطبيقات الذكية مع تقديم « الفرصة المتكافئة للجميع « سيساهم في رفع تنافسية القطاع بشكل عام ً، وبالتالي رفع مستوى خدمة النقل العام، وليس كما صرح كاتب المقال تارة ولمح تارةً اخرى الى استنتاجات خاصة به قد يفترض ان نستكين لها عند اعداد هذه التعليمات والتي تتمثل في تصنيف مقدمي الخدمة الى(( فئة محترمة وفئة غير محترمة )) وبالتالي هل يفترض انه يمكن من الناحية التشريعية تقنين الخدمة على الاساس التالي: « من يرغب في الركوب مع سائق قد يكون ازعر « حسب وصف الكاتب» فليركب التكسي الاصفر، ومن يرغب في خدمة متميزة فليركب مع سائق يستخدم تطبيقا ذكيا «!!

إذاً هل المطلوب من الجهات الناظمة شرعنة الممارسات الشاذة الفردية عوضاً عن العمل على رفع سوية مقدمي الخدمة افقيا، وتطبيق القانون على من يخالفه.

ان خدمة التطبيقات الذكية تشكل قيمة اضافية كبرى تؤمن بها وزارة النقل، ومن شأن هذه التطبيقات رفع مستوى خدمة النقل العام، وقد شرعت حالياً بعض الشركات التي تستخدم التطبيقات الذكية في ترخيص اعمالها استناداً الى التعليمات اضافة الى ظهور ائتلافات بين مشغلين من فئات مختلفة تعكس فعلياً نجاح وذكاء هذه التعليمات وليس كما وصفها الكاتب المحترم بالغبية ؟؟؟