ترامب والسياسة الأمريكية- الشـرق أوسطية

من أبرز الموضوعات التي تهم القارئ العربي والتي اشتمل عليها العدد الأخير (لمجلة فورن افيرز- الأمريكية) لشهري (آذار – نيسان) والذي خصصته المجلة (لعهد ترامب والعالم)، جاء موضوع (ترمب والأرض المقدسة).

فمند عهد (هاري ترومان) كان كل رئيس أمريكي يحاول إيجاد حل سلمي بين (إسرائيل وجيرانها العرب).ومنذ عهد الرئيس (ليندن جونسون) كان كل رئيس يعارض أقامة (المستوطنات/ المستعمرات الإسرائيلية على الأرض المحتلة عام 1967م)، وعبثا كانت محاولات الرؤساء الأمريكان لتحقيق سلام دبلوماسي دائم في المنطقة، بحيث تحصل إسرائيل على سلام آمن وقبول سياسي في المنطقة، وفي المقابل يحصل الفلسطينيون على دولة مستقلة قابلة للحياة تعيش بأمن وسلام مع جارتها إسرائيل. ومن الواضح أن عدم قدرة السياسة الأمريكية على وضع الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني على طريق يؤدي إلى ذلك الحل السلمي، يرجع إلى الانحياز التام للموقف الإسرائيلي المتعنت، مهما كان ذلك الموقف الإسرائيلي متناقضاً مع مبادئ السياسة الأمريكية، ومتجاهلا ابسط حقوق الشعب الفلسطيني وطموحاته في الاستقلال كسائر شعوب المعمورة، والتزام السياسة الأمريكية بمبدأ(رفقاً بإسرائيل)، فلا أكراه في وقف الاستيطان واستلاب الأراضي الفلسطينية المحتلة، أو الإقرار بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، أو الحفاظ على الوضع القائم في (القدس المحتلة) وفق القرارات الدولية.

فهل سيكون (د. ترمب) رئيساً مختلفاً في التعامل مع هذه القضية؟ وهل أسلوب (اللااهتمام) أو (عدم الجدية) في اتجاهاته نحو رؤى (حل الدولتيْن)، أو خطورة السياسة الاستيطانية الإسرائيلية، أو إعلانه عن تأييده للسياسة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة والمتشددة، متناسياً الدور الأمريكي باعتباره راعياً مفترضاً لعملية السلام... هل هذا الأسلوب يجعل منه رئيساً مختلفاً، وفي أي اتجاه!!!

كان واضحاً أنه حرص على تقديم (جائزة ترضية) للإدارة الإسرائيلية تتمثل بعزمه على اعتماد سياسة مغايرة لسياسات أسلافه الرؤساء في التعامل مع قضية القدس بشكل عام، حيث كان آخر ثلاثة رؤساء قبله يؤجلون نقل السفارة الأمريكية من (تل أبيب) إلى الأرض المخصصة لها من قبل الحكومة الإسرائيلية في القدس، وعلى الرغم من أن (70%) منها هي من أملاك الغائبين (الفلسطينيين) وأن أكثر من ثلثها أرضٌ وقفية أسلامية، فقد بادر (ترمب) على *تأكيده نقل السفارة... حيث ينتهي تأجيل انتقالها في أواخر حزيران القادم! وثمة تسريبات أن إسرائيل قد طلبت التريث... حرصاً على مواقف سياسية نحوها في المنطقة...

وزادت الأمور خطورة باختياره سفيراً أمريكياً في إسرائيل من أشد المؤيدين السابقين للاستيطان، واستلاب أراض فلسطينية ذات حيوية لإسرائيل، على الرغم من إعلانه أمام الكونغرس أنه سيلتزم السياسة الأمريكية الراعية* لعملية السلام؛ كما أوكل مستشاره/ صهره، وهو صهيوني ملتزم بسياسة (كيسنجر).... أوكل له مهمة قضية الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، فيكون بذلك قد اثبت أنه رئيس مختلف تماماً في توجهاته نحو القضايا العالمية، وبخاصة (قضية الشرق الأوسط) والتي هي القضية الفلسطينية، شعباً وأرضاً ومستقبلاً.

على ضوء هذه الصورة لرؤية (ترمب)، فأن الأمر يتطلب الاهتمام العربي الموحد بحيث لا يقتصر على (إعلان) التمسك (بحل الدولتيْن)، وحل النزاع العربي- الإسرائيلي بشكل شامل وفق (المبادرة العربية)، بل باتخاذ موقف سياسي عربي قوي، يحدث تأثيراً في السياسة الأمريكية...

وثمة فرصة واعدة... وهي (القمة العربية) القادمة لاتخاذ مثل هذا الموقف لتمكين قيادة القمة لعام (2017) من التحرّك الفعال، وبخاصة أن القيادة الأردنية للقمة تتمسك باعتبار حل هذا الصراع وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس المحتلة هو (مصلحة وطنية أردنية) و (مصلحة فلسطينية) و(مصلحة عربية) في آن واحد.