نَفَس أرجيلة!

يكره المبتلون بالتدخين أي حديث عن مضار التدخين، فتراهم يشيحون بوجوههم عن تلك البرامج أو الفيديوهات التي تخبرهم ماذا فعل التدخين بأعضائهم، ويندر أن تجد أحدا من الممكن أن يدافع عن هذه العادة الأسطورية، لكن ثمة من يتباهى بأنه يتعاطى نوعا معينا من التدخين، بوصفه عادة «فاخرة» تجلب الأبهة والهيبة وربما السعادة، مع أنها واحدة من أخطر أنواع التدخين!
نشرت «الدستور» قبل فترة دراسة نادرة وحديثة أجراها عدد من الباحثين من مكتب مكافحة السرطان في مركز الحسين للسرطان، وكشفت ان هناك ارتفاعا في ظهور أعراض متصلة بأمراض الجهاز التنفسي لدى فئة الشباب، ممن يواظبون على تدخين الأرجيلة. خاصة وأن هذه اللعينة المسماة أرجيلة، تستقطب اعدادا كبيرة من فئة الشباب ذكورا واناثا وحتى الطلبة من المراحل الاساسية والثانوية اعتقادا منهم بأن الأضرار الناجمة عن تعاطي الأرجيلة اقل من مثيلتها الناجمة عن السجائر، علما أن الدراسات العلمية اثبتت ان تناول نفس (رأس) واحد من الارجيلة يعادل تدخين ستين سيجارة متتالية، وهذه المقولة سمعناها كثيرا لكنها ظلت في دائرة «الإشاعة» إلى أن جاءت هذه الدراسة الخطيرة لتكشف لنا عن «واقعيتها!»
نتائج الدراسة الخطرة التي يجب أن تكون جزءا من المادة الدراسية التي نعلمها لأبنائنا في المدارس والجامعات، تشير إلى زيادة في ظهور أعراض الأمراض التنفسية المزمنة لدى فئة الشباب ممن يدخنون تبغ الأرجيلة بشكل منتظم، حيث قام مكتب مكافحة السرطان بفحص أثر تدخين الأرجيلة على المدى الطويل على وظائف الرئة، وقياس الجهد الرياضي للقلب والرئة عند مجموعة من الشباب الذكور، الذين يتراوح معدل أعمارهم ما بين 18-24 سنة، حيث قام فريق الدراسة بمقارنة الحالة الصحية لـ( 69) مدخناً شاباً للأرجيلة مع( 69 ) شاباً من غير المدخنين واستغرقت الدراسة سنتين، وبينت أن قراءات وظائف الرئة أضعف لدى الشباب الذين يستخدمون تبغ الأرجيلة، مقارنة مع غير المدخنين وتبين أيضاً أن هناك انخفاضا في قدرتهم على ممارسة النشاط البدني، وبحسب الدراسة يمكن أن يتسبب استخدام الأرجيلة بإرهاق مبكر للعضلات.
وخلافا للاعتقاد السائد، كشفت الدراسة أن مدخني الأرجيلة يعانون وزنا زائدا، بما يقارب الـستة كيلوغرامات، مقارنة بغير المدخنين. وهذا معاكس لما هو متعارف عليه لدى مدخني السجائر. لكن زيادة الوزن أمر متوقع نظراً لتدخين الأرجيلة لفترة طويلة، التي عادة ما يتخللها تناول وجبات ومشروبات..وهذا يعني الإصابة بامراض السمنة وما يرافقها من امراض مزمنة مثل السكري والضغط والكولسترول والدهون، اضافة الى الامراض الخطيرة الاخرى.
ويعد استخدام الأرجيلة خطراً يهدد الشباب حيث تصل مدة الجلسة الواحدة ( 45 دقيقة)، أي ما يعادل 60 سيجارة.. وبحسب منظمة الصحة العالمية قد تصل إلى أكثر من 200 سيجارة، وهذا يعني استنشاق كميات كبيرة من المواد السامة التي تتواجد في تبغ المعسل علماً بأن صناعة المعسل لا تزال غير مطابقة للمواصفات القياسية التابعة لوزارة الصحة ومؤسسة المواصفات والمقاييس؛ ما يؤدي لتعرض الجسم لمواد أخرى!
ما دفعني لإعاد الكتابة في هذا الموضوع، انتشار محلات تقديم الأرجيلة للشباب انتشار النار في الهشيم، ما يستدعي إعادة النظر في شروط ترخيص مثل هذه المحلات، وحسب علمي، فترخيص محل لتقديم نَفَس الأرجيلة يكلف صاحبه رسوما سنوية تصل إلى عشرة آلاف دينار، ويبدو أننا بحاجة لمضاعفة هذا المبلغ أضعافا مضاعفة، بدلا من رفع أسعار العدس والحصر البلاستيكية!